بقلم: د.جابر الوندة
ما زال الحديث موصولا معكم في رحلتنا حول الاستدامة، وكيف ننظر إليها في القطاع الإنساني، وكيف نستفيد من الأدبيات والوثاق والمناشط العالمية في تفعيل ما يناسبنا من قيم متعلقة بالاستدامة. وقد وصل الحديث بنا إلى نقطة تبني الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وآليات ومؤشرات قياس تحقق هذه الأهداف.
وحديثنا اليوم هو حول كيف تحقق الدول أو المنظمات هذه الأهداف وهذه الغايات التي حددتها الأمم المتحدة؟ وقد تركت الأمم المتحدة حسب نص قرار اعتماد الأهداف في فقرته 55 هذا الأمر وفق طاقة وإمكانات كل دولة، فقد نصت الوثيقة على أن «أهداف التنمية المستدامة وغاياتها متكاملة وغير قابلة للتجزئة، وهي عالمية بطبيعتها وشاملة من حيث تطبيقها، تراعي اختلاف الواقع المعيش في كل بلد وقدراته ومستوى تنميته وتحترم السياسات والأولويات الوطنية.. حيث تحدد كل حكومة غاياتها الوطنية الخاصة بها مسترشدة بمستوى الطموح العالمي ولكن مع مراعاة الظروف الوطنية. وعلى كل حكومة أن تقرر أيضا سبل إدماج هذه الغايات العالمية الطموحة ضمن عمليات التخطيط والسياسات والاستراتيجيات الوطنية. والمهم مراعاة الصلة بين التنمية المستدامة وبين سائر العمليات الجارية التي تتصل بها في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية». الأمر الثالث هناك العديد من المنظمات المعنية بمتابعة تحقق هذه الأهداف، سواء كانت تابعة للأمم المتحدة كالمجلس الاقتصادي الاجتماعي، أو المنظمات الإقليمية، وسنأتي على ذلك لاحقا.
وتعني هذه الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة وتدخل في نطاق عمل واختصاصات جميع القطاعات في الدولة، سواء القطاع الحكومي أو الخاص أو الثالث، ومن هنا فإن العمل على تحقيق هذه الأهداف وفي ضوء مقاصدها يعد هدفا مهما للقطاع الخيري والإنساني. وأمر آخر ينبغي ألا يغيب عنك قارئي الكريم وهو ملاحظة مهمة جدا وهو تركيز بعض المعنيين بالقطاع الإنساني والخيري في مفهوم الاستدامة على الاستدامة المالية للقطاع. والاستدامة المالية وإن كانت أمرا مهما للغاية للقطاع، فإن إدراك قضايا الاستدامة وبقية أبعادها وتأثيرها في بعضها يظل أمرا مهما لا بد أن يكون في ذهن متخذ القرار بالقطاع الخيري والإنساني، لذلك من الأهمية بمكان أن يتم التثقيف بالاستدامة والتعريف بشأنها، و«أقلمة» وملاءمة المشروعات والمبادرات لتكون محققة لهذه الأهداف..
لذلك فإن على الجمعيات الخيرية – مثالا – تبني هذه الأهداف في مجملها، وأن تعمل على تحققها بقدر طاقتها وجهدها وإمكانيتها كمؤسسة إنسانية تطوعية، وكل ذلك في ضوء تفعيل ضوابط مجتمعنا وقيمنا، وتفعيل بعض الملاحظات على هذه الأهداف، وانطلاقا من فهمنا الإسلامي للاستدامة، وهذا هو موضوع حديثنا التالي.. إذن للحديث بقية.