تغيُّرات مناخية عاتية يشهدها العالم مع التطوّر المتسارع في المجالات كافة، ما استدعى التفكير الجاد من الحكومات في اتخاذ خطوات عملية لمواجهة هذه التغيّرات، وكانت الإمارات في طليعة الدول التي اعتمدت «الاستدامة» ضمن المحاور الرئيسة في استراتيجيتها التنموية، وانطلاقاً من ذلك تُفرد «الإمارات اليوم» هذه المساحة لقضايا الاستدامة والتغيّر المناخي والأمن الغذائي.
عززت دولة الإمارات أمنها المائي من خلال بناء 70 محطة تحلية رئيسة تمد مختلف القطاعات الحيوية والسكنية بالمياه الضرورية لاستمرارية الأعمال ودعم رفاهية المجتمع، بجانب بنائها سدوداً عدة للمحافظة على الثروة المائية، إضافة إلى وضع استراتيجية للأمن المائي، لضمان استدامة واستمرارية الوصول للمياه خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى.
وتركز دولة الإمارات بشكل مكثف على مشروعات تحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة، بما ينسجم مع استراتيجيتها للأمن المائي 2036، والهادفة إلى ضمان الوصول المستمر والمستدام إلى المياه مع الالتزام التام بحماية البيئة وخفض الانبعاثات، وصولاً إلى هدف الحياد المناخي.
وتفصيلاً، تسخّر الحكومة الإماراتية إمكاناتها المالية والعلمية للتوسع في بناء وتطوير مشروعات تحلية المياه القائمة على تقنية «التناضح العكسي»، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، بما يسهم في تعزيز جهود تحقيق الحياد المناخي، حيث تعتبر هذه التقنية قليلة الكلفة وموفرة للطاقة، وقد أثبتت كفاءة في استهلاك الطاقة تزيد بمقدار 75%، مقارنة بتقنيات التحلية الحرارية، كما تعتبر محطات تحلية المياه بتقنية «التناضح العكسي» منخفضة الكربون أكثر كفاءة بنسبة تصل إلى 96%، مقارنة بمحطات التحلية الحرارية التقليدية، كما أنها تسهم في خفض انبعاثات الكربون المرتبطة بتحلية المياه بنسبة تزيد على 85%.
وأكدت شركة مياه وكهرباء الإمارات أنها ستواصل استثماراتها في تطوير مشروعات التحلية، وبحلول عام 2030 تتوقع إنتاج أكثر من 90% من المياه عبر تقنية «التناضح العكسي»، ما يسهم في خفض إجمالي انبعاثات الكربون من إنتاج المياه من 14.6 مليون طن عام 2020 إلى نحو 2.1 مليون بحلول عام 2030. كما أشارت هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) إلى أن إنتاج دبي من المياه المحلّاة عام 2030 سيكون بشكل كامل من مزيج الطاقة النظيفة، الذي يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة والاعتماد على استخدام الحرارة المفقودة، ما سيؤدي إلى خفض 44 مليون طن من الانبعاثات. تُعدّ دولة الإمارات من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إنشاء محطات تحلية المياه، نظراً إلى تزايد الاعتماد على المياه المحلّاة، وارتفاع معدلات استهلاكها، نتيجة ارتفاع أعداد السكان، وما يرافقه من التطوّر والنهضة على كل المستويات، حيث يأتي معظم مياه الشرب في الدولة «42% من إجمالي الاحتياجات المائية» من خلال 70 محطة رئيسة لتحلية مياه البحر التي تمثل نحو 14% من إجمالي إنتاج المياه المحلّاة في العالم.
استراتيجية الأمن المائي
أقرّت الإمارات «استراتيجية الأمن المائي 2036»، بهدف ضمان استدامة الوصول إلى المياه، بما ينسجم مع قوانين الدولة والمواصفات العالمية، ويسهم في تحقيق رخاء وازدهار المجتمع، ويعزز النمو المستدام، وتقوم الاستراتيجية على عدد من المرتكزات، أبرزها: خفض متوسط استهلاك الفرد إلى النصف، وتطوير نظام إمداد مائي يحافظ على سعة تخزين لمدة يومين تحت الظروف العادية، يعادل توافر إمداد مائي في نظام التخزين لمدة 16 يوماً في حالات الطوارئ، بما يعادل الإمداد لمدة قد تزيد على 45 يوماً في حالات الطوارئ القصوى، وذلك عبر ترسيخ الممارسات المستدامة للاستهلاك.
مؤتمر الأطراف «28 COP»
«كوب 28» يشهد دورة استثنائية من «أسبوع أبوظبي للاستدامة»
تشهد الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «كوب 28» دورة استثنائية من «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، التي تستضيفها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، تزامناً مع عام الاستدامة في دولة الإمارات وضمن فعالياته، ما يعكس الجهود الريادية المتواصلة والسبّاقة للأسبوع في مجال تعزيز العمل المناخي.
ومن المتوقع أن يسهم «أسبوع أبوظبي للاستدامة 2023» بدور حيوي في المحافظة على زخم الجهود المناخية العالمية خلال انعقاد مؤتمر الأطراف «كوب 28»، حيث يوفر منصّة لتحفيز الحوار الفاعل بين مختلف الشركاء في العالم، والعمل على ترجمة التعهدات إلى نتائج عملية للوصول إلى الحياد المناخي.
وتقام قمة «أسبوع أبوظبي للاستدامة» في الرابع من ديسمبر المقبل في مركز «كونكت» للمؤتمرات في «مدينة إكسبو في دبي» تحت شعار «معاً لتعزيز العمل المناخي خلال كوب 28»، وتجمع القمة نخبة من قادة الفكر من القطاع العام والمجتمع المدني وقطاعات الاستثمار والتمويل، وغيرها من قطاعات الأعمال، بهدف تحديد السُبل الكفيلة بتسريع تحقيق تحوّل عادل وشامل في قطاع الطاقة، والوصول إلى الحياد المناخي في المستقبل.
الأمن الغذائي
%50 خفض هدر الطعام في الدولة بحلول 2030
أكدت وزيرة التغيّر المناخي والبيئة، مريم بنت محمد المهيري، أن الإمارات حريصة على لعب دور عالمي مؤثر، من خلال «برنامج مؤتمر الأطراف COP28 للنظم الغذائية والزراعة»، من أجل حشد دول العالم للتوقيع على «إعلان الإمارات حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي»، مشيرة إلى جهود الإمارات في تعزيز أمنها الغذائي، من خلال الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، إضافة إلى جهود الحد من فقد وهدر الغذاء من خلال مبادرة «نعمة»، التي تهدف الإمارات من خلالها إلى الحد من فقد الغذاء وهدره بنسبة 50% بحلول عام 2030، إضافة إلى العديد من المشروعات الرائدة في مجال الزراعة الحديثة والأمن الغذائي القائم على الابتكار في مختلف إمارات الدولة. ودعت المهيري دول مجلس التعاون الخليجي إلى التوقيع على إعلان الإمارات حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي، ودعم توجهات الإمارات خلال مؤتمر الأطراف (COP28) نحو تعزيز نظم الغذاء في مواجهة تغيّر المناخ وخفض الانبعاثات العالمية، والإسهام في القضاء على الجوع في العالم. وأشارت إلى أن إعلان الإمارات حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي يتناسب تماماً مع توجهات دول المنطقة، ويسهم في حل تحدياتها الغذائية المشتركة، التي تتشارك فيها جميع الدول الخليجية، ومنها: شح المياه، والبيئة الصحراوية، ونقص الأراضي الصالحة للزارعة، ما يتطلب الإسهام الفاعل في إنجاح المساعي، من خلال هذا الإعلان، وأن نتخذ كعادتنا صفاً واحداً لمواجهة تحدياتنا المشتركة ونحقق النجاح.
بيئة الإمارات
120 نوعاً من الطيور و43 من الثدييات والزواحف في محمية دبي الصحراوية
أصبحت محمية دبي الصحراوية موطناً لأكثر من 50 نوعاً من النباتات، و120 نوعاً من الطيور، و43 نوعاً من الثدييات والزواحف. وتُعدّ محمية دبي الصحراوية إحدى أكبر المحميات الطبيعية في دولة الإمارات، وتغطي مساحة 225 كيلومتراً مربعاً، أي نحو 5% من إجمالي مساحة إمارة دبي، وقد تمّ تسييجها لحماية الحيوانات التي تعيش فيها والنباتات التي تنبت في أرضها، كما تعد المحمية أيضاً جزءاً من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، بعد أن حظيت بإشادة دولية لجهودها في حماية الطبيعة والحياة البرية فيها.
117 شركة تنضم إلى تعهد الشركات المسؤولة مناخياً
انضمت 12 شركة جديدة إلى تعهد الشركات المسؤولة مناخياً في الدولة، ليصل إجمالي عدد الشركات التي تعهدت بذلك إلى 117 شركة، حيث تلتزم الشركات المشاركة في التعهد بتكثيف الجهود الجماعية لمكافحة تغيّر المناخ، وقياس انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والإبلاغ عنها بطريقة شفافة، وتطوير حلول للحد من الانبعاثات. ويهدف «تعهد الشركات المسؤولة مناخياً»، الذي طلقته وزارة التغيّر المناخي والبيئة، إلى تعزيز مشاركة مؤسسات القطاع الخاص في مواكبة مستهدفات مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، حيث يمثل التعهد نواة لتحالف مستقبلي بين القطاع الخاص ومنظمات النفع العام والمنظمات الدولية.