في إطار تفاعله مع النقاش الدائر حول إصلاح مدونة الأسرة، سلط “مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة”، في ورقة بحثية أعدتها فوزية برج، أستاذة باحثة في علم الاجتماع والأنثربولوجيا، الضوء على موضوع “تزويج القاصرات”، موصية بإدماج التربية الجنسية في مختلف المناهج وفي جميع المستويات، وإلغاء المواد 20 و21 و22 من مدونة الأسرة.
كما أوصى المصدر عينه بمواجهة ممارسة تزويج الأطفال خارج التوثيق الشرعي، وذلك من خلال إدراج نص قانوني لمتابعة الزوج الذي ينخرط في زواج الفاتحة وفرض عقوبات سجنية مع غرامة مالية، إضافة إلى تكييف أي قضية في هذا الإطار “جناية”، مقترحا في الوقت ذاته إضافة فصل في القانون الجنائي “يمنع تزويج الأطفال أو المشاركة أو القيام بالوساطة لتزويجهم قبل سن الـ18″، مع فرض عقوبات سجنية صارمة على المخالفين.
على صعيد آخر، أوصت الورقة المعنونة بـ”نحو تجريم ممارسة تزويج الطفلات”، بالعمل على تطوير الوساطة الأسرية لحماية الطفلات وتفعيل مهام المساعدة الاجتماعية، إضافة إلى أجرأة مهام المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة وتكوين القضاة في مجال حقوق الإنسان وحقل السوسيولوجيا لاعتمادها في قضايا الزواج.
ولفتت الوثيقة عينها إلى أنه بالرغم من تعديل مدونة الأسرة وتحديد سن أهلية الزواج في ثمانية عشر سنة، سواء بالنسبة للذكور أو الإناث، غير أن “الاستثناء الذي أقرته المدونة ومنحت بموجبه لقاضي الأسرة إمكانية الإذن بتزويج الطفلة القاصرة، والذي كان من المفترض أن يجيب فقط عن الحالات الخاصة والاستثنائية، إلا أنه تحول إلى قاعدة تمخضت عنها ممارسات تتسم بالازدواجية والتناقض بين تشريع قديم يزكي التقاليد وبين تبني حقوق الإنسان الأساسية في الزواج والاختيار الحر للشريك”.
وأشارت في هذا الصدد إلى ضرورة الحد من “صلاحيات القضاة وتوضيحها بشكل محدد فيما يخص تزويج الطفلات، خاصة وأن الأسس التي يعتمدها القاضي لمنح الإعفاءات هي عادة غير واضحة”، مسجلة أن “الكثير من طلبات تزويج الطفلات يستند مقدموها إلى الأعراف والتقاليد بالمنطقة التي تقتضي تزويج الفتيات في سن مبكر تحصينا لهن أو خوفا من فقدان فرصة الزواج أو الوقوع في الفساد”.
وشددت الورقة البحثية عينها على أن “تزويج الطفلات ممارسة مقلقة وأزمة مجتمعة حقيقية، إذ لا تزال منتشرة بقوة في المغرب وتشكل عائقا يحول دون تحقيق التنمية”، مسجلة أن “تحقيق رهان مراجعة مدونة الأسرة يتوقف بالضرورة على مراجعة سن الزواج وتحديده في 18 سنة لحماية الطفلات، ومراعاة مبادئ المساواة والعدل والإنصاف، ذلك أن تزويجهن في سن مبكرة تنجم عنه مجموعة من العواقب الجسدية والنفسية”.
جدير بالذكر أن المادة 20 من مدونة الأسرة الحالية تنص على أن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن 18 سنة بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي، فيما نصت المادة 21 على أن “زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي”، حيث تتم موافقة النائب الشرعي بتوقيعه مع القاصر على طلب الإذن بالزواج وحضوره إبرام العقد، على أنه إذا امتنع النائب الشرعي للقاصر عن الموافقة، جاز لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يبت في الموضوع، فيما يكتسب المتزوجان طبقا للمادة 20 سالفة الذكر الأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات، حسب منطوق المادة 22 من المدونة، وهي المواد الثلاث التي أوصت الورقة البحثية بإلغائها.
كما خلصت الورقة ذاتها إلى ضرورة الرفع من سن التمدرس والتدخل بشكل استباقي لمحاربة أسباب الهدر المدرسي وتعميم التعليم الأولي، خاصة في المناطق البعيدة والقروية، وتسهيل ظروف الولوج إلى المدارس عبر تحسين ظروف النقل المدرسي والصحة المدرسية، إضافة إلى تقوية الولوج للدعم المدرسي واستفادة الفتيات من المنح الدراسية والسكن.
المصدر: وكالات