يعد الدعاء من خير الأعمال التي يلجأ المسلم إليها دومًا، للتقرب إلى الله عز وجل، إلا أن البعض يتساءل حول ماهية الدعاء بآية من القرآن الكريم في سجود الصلاة، لتجيب دار الإفتاء المصرية، حول جواز هذا الأمر من عدمه، ويمكن معرفة كل ما يتعلق بهذه المسألة الدينية في السطور المقبلة.
هل يجوز الدعاء بآية من القرآن الكريم في سجود الصلاة؟
من المقرر شرعًا أن الركوع والسجود محلان لتعظيم الرب سبحانه وتعالى بالتسبيح والذكر والدعاء، وأنهما ليسا محلًّا لقراءة القرآن، وعلى ذلك أجمع العلماء، إذ قال الإمام ابن عبد البر في «الاستذكار»: «أما قراءة القرآن في الركوع فجميع العلماء على أن ذلك لا يجوز.. وأجمعوا أن الركوع موضع لتعظيم الله بالتسبيح وأنواع الذكر».
وقال الشيخ ابن تيمية في «مجموع الفتاوى»: «وقد اتفق العلماء على كراهة القراءة في الركوع والسجود».
الأصل في الدعاء بالسجود
الأصل في هذا الإجماع، ما ثبت من النهي عنهما فيما أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه، فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ؛ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».
أما إن قصد المصلي -بقراءته بعض الآيات القرآنية التي جاء فيها الدعاء في ركوعه وسجوده- الدعاءَ والذكر والثناء على الله تعالى ولم يقصد تلاوة القرآن، فيجوز بلا كراهة؛ كدعاء المصلي في سجوده بنحو ما جاء في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74].
الدعاء في الصلاة
قال الشيخ الدردير في «الشرح الصغير»: وكُره القراءة بركوعٍ أو سجودٍ إلا أن يقصد في السجود بها الدعاء، كأن يقول: «رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتنَا».. إلخ، فلا يُكره.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في «تحفة المحتاج في شرح المنهاج»: وتكره القراءة في غير القيام، للنهي عنها.
قال الإمام عبد الحميد الشرواني مُحشِّيًا عليه: [قال الزركشي: ومحل كراهتها إذا قصد بها القرآن، فإن قصد بها الدعاء والثناء، فينبغي أن تكون كما لو قنت بآية من القرآن.
أي: فلا تكون مكروهة، وينبغي أن مثل قصد القرآن ما لو أطلق فيما يظهر أخذًا مما يأتي في القنوت، «ع ش» (قوله في غير القيام)، أي: من الركوع وغيره من بقية الأركان، وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.