قال رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة: “يوجد بالوطن العربي تكامل في الإنتاج الفلاحي والتجارة، فنحن ننتج؛ لكن هذه الرقعة الجغرافية تفتقر إلى منصة عربية تقوم بهذه المهمة. وهذا تحدّ يواجهنا. لذا، يجب التفكير، اليوم، في تقارب المعايير فيما بيننا”.
وأكد المسؤول الحكومي ذاته، في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الأمن الغذائي العربي، المنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، بمدينة مراكش، الاثنين، أن “ضمان الأمن الغذائي يفرض تقارب سلاسل التوزيع على الأقل؛ حتى نتمكن من بناء شبكة موزعين عرب لهم القدرة على شراء المنتوج من بلد عربي وبيعه لبلد عربي آخر”.
وطالب وزير الصناعة والتجارة بضرورة “تحقيق تقارب المعايير والتكامل بين الدول العربية، وبالعمل على ضبط الأسعار، وإحداث بورصة عربية للصناعة والتحويل”، مشيرا إلى أن “التجارة والتوزيع والإدماج والابتكار هم أساس النجاح، إلى جانب الاستثمار في القدرة الإبداعية”.
من جهته، أكد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أهمية الأمن الغذائي الذي اكتسب طابعا حقوقيا منذ 1948. لذا، “فأي نموذج تنموي يسعى إلى الاستجابة لحاجيات المواطنين عليه أن يستحضر هذا التحدي، خاصة مع التغيرات المناخية وتزايد التوترات الدولية؛ ما خلف 690 مليون شخص يعانون من سوء التغذية، وفق تقرير صدر سنة 2019 عن منظمة الأغذية والزراعة”.
واستدل بايتاس، خلال كلمته بهذا المؤتمر، على أهمية الأمن الغذائي بجائحة “كوفيد19″، التي أغلقت الحدود بين دول العالم؛ ما يفرض البحث عن الاكتفاء الذاتي”، مضيفا: “أولت النظرة الاستباقية للملك محمد السادس المملكة المغربية اهتماما خاصا للقطاع الفلاحي لتحقيق الأمن الغذائي والاستقرار وترسيخ السيادة الوطنية، حيث اعتمدت بلادنا منذ سنة 2008 المخطط الاخضر كاستراتيجية طموحة وآلية ناجحة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية المستدامة”.
أما الحسين عليوي، رئيس جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات، فأوضح أن الأمن الغذائي لا يمكن تركه للظروف والصدفة؛ فالغذاء ضرورة حيوية. لذا، وجب التفكير في هذا التحدي بشكل استباقي، من خلال مشاريع فلاحية متخصصة، وهذا ما توليه المملكة المغربية أهمية كبيرة، لكونه يعتبر أهم ركيزة للصناعات الوطنية، والعمود الفقري للاقتصاد الوطني، لأنه يشغل أزيد من 150 ألف شخص.
وتابع المتحدث نفسه قائلا: “على الرغم من هذه الأهمية، فإن القطاع الفلاحي لا يزال يواجه تحديات عديدة؛ من قبيل تأسيس قوة صناعية غذائية، وتقوية الإسهام في ضمان الأمن الغذائي، بتأسيس الشراكة الاقتصادية بين الدول العربية ودعم التعاون بينها في مختلف المجالات، وأهمها تحقيق الأمن الغذائي للشعوب العربية، ما يتطلب منا جميعا الوقوف على جميع العراقيل التي تقف أمام تطوير التكامل الاقتصادي، وتقوية الاستثمار العربي”.
ويأتي انعقاد المؤتمر في ظل ما يواجه العالم بأسره والعالم العربي من تحديات في الأمن الغذائي بسبب آثار جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا والتغير المناخي؛ ما أدى إلى تدهور مستويات الأمن الغذائي العالمي، إذ تشير آخر الإحصائيات إلى أن هناك 868 مليون شخص لا يملكون ما يكفيهم من الغذاء، فيما تم اعتبار 25 دولة حول العالم في أوضاع متدهورة وشديدة الخطورة. لذا، فالخيار الوحيد أمام العالم العربي هو في اعتماد أساليب الزراعة المستدامة والاستفادة من التقنيات الحديثة وتقنيات الزراعة الذكية التي أتاحتها التكنولوجيا الزراعية والثورة الصناعية الرابعة للتعامل مع التحديات المناخية ومع محدودية الموارد والنهوض بالإنتاج وكفاءته بالشكل الصحيح.
وتنعقد الدورة الثامنة لهذا المؤتمر، على مدى يومين، بمدينة مراكش، التي تعرضت للكارثة الطبيعية التي ضرب جبال الأطلس الكبير، كعربون تضامن من الدول العربية مع المملكة المغربية التي تشهد نهضة تنموية واقتصادية وما أحرزته من تقدم كبير في المجالات الزراعية وخاصة الغذائية منها.
ويهدف هذا المؤتمر إلى فتح المزيد من الآفاق أمام المشروعات لاستخدام التكنولوجيا والاكتشافات الحديثة وتطبيقاتها الذكية في سبيل تحديث القطاعات الزراعية في البلاد العربية، والاطلاع على تجربة المملكة المغربية في مجال الأمن الغذائي والفرص الاستثمارية الواعدة، في إطار الرؤية المستقبلية للدولة، وإلقاء الضوء على أوضاع الأمن الغذائي والتصنيع الغذائي في العالم العربي، واستعراض البدائل التكنولوجية العصرية المتاحة لمقاربة هذه القضية المحورية من خلال التعاون والتكامل بين جميع الأطراف المعنية، وبشراكة رئيسية من القطاع الخاص العربي وفي سياق التقدم في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 لجعل الزراعة والأغذية والأنظمة الغذائية أكثر استدامة.
المصدر: وكالات