فسر عمل جماعي جديد “نجاعة إمارة المؤمنين في تاريخ المغرب” بكونها “نتيجة (…) التعاقد الفعلي التاريخي إلى يومنا هذا”، مضيفا أنها مؤسسة “بارزة في كل أمور الهوية الدينية ومقوماتها كما وصلت إلينا وفي ما يتعلق ببناء الأمة والدولة والمجتمع، وما يتصل بهذه الجوانب من حضارة وثقافة وإسهام في كيان الإسلام خاصة وفي الكيان الكوني عامة”.
هذا العمل الجديد، وفق ورقة تقديمية للمرشدين الدينيين محمد أكعبور وأمين انقيرة، جمع 15 إماما مرشدا، وصدر بعنوان “إمارة المؤمنين بالمغرب.. التأصيل والخصوصية والأثر”، وقدمه وراجعه الفقيه محمد فاضل.
وذكر تقديم محمد فاضل، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة مراكش آسفي، أن هذا الكتاب الجماعي “من الأعمال الجادة، التي ستضيف إضافات قيمة في مجال البحث العلمي والأكاديمي”.
العمل، الذي نسقه الباحث في العلوم الشرعية أمين انقيرة، قال إن القطر المغربي قد عرف “نظام الإمامة والبيعة الشرعية على مدار أزيد من اثني عشر قرنا إلى يومنا هذا؛ وكان هذا المنصب يحرس الدين من جهة، ويسوس الدنيا من جهة أخرى؛ أي: يصون الاختيارات الدينية المذهبية التي اختارها المغاربة وتخلصوا من غيرها، والمعروفة بالثوابت الدينية: عقيدة أشعرية، وفقها مالكيا، وسلوكا جنيديا؛ وكلها اختيارات مبنية على التوسط والاعتدال، ولزوم بسر وسماحة الدين من غير غلو أو تشدد”.
وتابع: “لذلكم، تفطن المغاربة إلى تلك المقاصد مما يقي الأمة المغربية كثيرا من المهالك والمفاسد، حفظا لنمط تفكيرها ضمن منظومة دينية، يحفظ للأمة وجدانها السياسي ويضمن لها كيانها الديني”.
وواصل: “يحدثنا تاريخ الفكر السياسي والتاريخ الديني المغربي أن لم يعتل عرش المغرب سلطان أو ملك إلا على أساس البيعة، بمعنى أنه بويع أمير المؤمنين، سواء تسمى بذلك اللقب أو لم يتسم به المبايع، والحكم على أساس البيعة بمعنى التزام المبايع بشروطها التي هي في إطار الدين معروفة محددة لا تخفى عن المبايعين، ليست عرفية، ولكنها مفصلة في كتب فقه أصلها القرآن والسنة، وأهمها أن يقوم على حفظ دين الناس وأرواحهم وأموالهم وأعرافهم، ومعنى هذا حفظ بيضة الإسلام من عدو الخارج والداخل”.
ودعا الكتاب “الأمة المغربية” إلى الوقوف مع مؤسسة إمارة المؤمنين، مضيفا: “حُقَّ لها الفخر بثوابتها المستمدة من الدين؛ لتبقى بذلك أمة محافظة على دينها، ووطنا متمسكا بحضارته، وبلدا متشبثا بتاريخه”، ولأجل هذا “عمل علماء المغرب والباحثون على رسم معالم هذه المؤسسة (…) من جانب بيان التأصيل، وإبراز الخصوصية، وإظهار الآثار الحميدة”.
ويأتي هذا العمل “امتدادا واستمرارا لجهود من سبق من الأئمة والباحثين الأعلام، ممن أسهموا في مجال التأليف، سواء في جانب ثابت إمارة المؤمنين، أو غيره من الثوابت الدينية، وفي هذا أيضا ربط بين الحاضر والماضي، وتأكيد على مكانة إمارة المؤمنين بالمغرب”.
وذكر العمل ألّا فصلَ بين الدين والسياسة والحياة؛ “فالدين منهج حياة لتنظيمها وضبطها، ولا فرق بين الدين الشرعي والدنيوي السياسي”، مما يقتضي “تنصيب إمام عادل بالوجوب، يشرف وينفذ ويدبر ويبرمج مجموعة من الأحكام والقوانين والقواعد التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكومين، وبين الأفراد والجماعات”.
وسطرت الورقة التقديمية للعمل الجديد على “إجماع علماء السياسة الشرعية على وجوب تنصيب الإمام من أجل الحفاظ على وحدة الأمة وصيانة سيادتها من جهة، وتنفيذ خطاب الشرع وأحكامه المتعلقة بالمكلفين من جهة ثانية”؛ فهذا “لا يتم إلا بوجود إمام عادل مجمع على بيعته بيعة شرعية، مسؤول ومنفذ لشرع الله عز وجل. والبيعة تقتضي الخضوع لشروط أساسية مجمع على بنودها، وهي عقد وتعاقد يحكم العلاقة بين الطرفين”.
المصدر: وكالات