فضلا عن الخسائر البشرية “الثقيلة” التي قاربت، حسب آخر حصيلة محيَّنة إلى حدود مساء الأربعاء 13 شتنبر، ثلاثة آلاف شخص وستة آلاف جريح ومصاب، فإن تقديرات أولية عالمية تذهب في اتجاه أن يؤدي المغرب كلفة باهظة بعد حصر واحتساب التكلفة الإجمالية المالية والخسائر المادية الناجمة عن أعنف زلزال عاشه البلاد.
وفقاً لبيانات كشف عنها “معهد المسح الجيولوجي للولايات المتحدة الأمريكية” (USGS)، فإن أضرار “زلزال الحوز” قد تكلّف المغرب “فاتورة باهظة الثمن اقتصادياً” ما بين 1 و9 مليارات يورو، أي ما يصل إلى 8 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي الخام المسجل في عام 2022.
وإذا كانت السلطات المغربية المختصة ما زالت بصدد إحصاء الخسائر البشرية والمادية والتراثية، فإنها لم تحصِر بعد لائحة الخسائر والأضرار المادية والتجهيزات المتضررة، فضلا عن عدد الأسر المعنية بشكل نهائي بالتعويض الذي أقرَّته التوجيهات الملكية في إطار “تفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من زلزال الحوز”، الذي كان موضوع تعليمات ملكية خلال جلسة العمل التي ترأسها الملك يوماً واحدا بعد زلزال الثامن من شتنبر 2023؛ بيْد أن الأكيد أنها ستكون ذات أثر قوي وبالغ على توازنات النمو الاقتصادي العام وأرقام الناتج الإجمالي للبلاد.
وكان الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المغربية قد بلغ 134.18 مليار دولار في العام 2022، ما يعني أن الخسارة التي سيخلفها زلزال الحوز ستمثل نحو 10.7 مليار دولار، وفق معطيات البنك الدولي.
ولم تخلُ تقديرات “هيئة المسح الجيولوجي” الأمريكية، المختصة في رصد ودراسة تأثيرات الزلازل والهزات الأرضية في جميع أنحاء العالم، في تقرير خاص أعقب زلزال الثامن من شتنبر، من التنبيه إلى “خسائر اقتصادية خطيرة محتملة بالنسبة للمغرب”، متوقعة حدوث “أضرار جسيمة”، على حد تعبيرها.
وبالمقارنة مع زلزال شهر فبراير الماضي الذي هزّ مناطق واسعة ومدناً سياحية شهيرة في تركيا، وأسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص، فإن تلك الكارثة كانت قد تسببت في أضرار بقيمة 34.2 مليار دولار، أي ما يعادل 4 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي للجمهورية التركية لعام 2021، حسب تقدير البنك الدولي.
“تقديرات أولية”
تعليقا على الموضوع، قال محمد الرهج، خبير اقتصادي، إن التقديرات الأمريكية حول الحجم المالي لأضرار الزلزال تظل “أولية”، ناصحا بالتعامل معها بـ”حذر كبير”. وزاد شارحا لجريدة هسبريس: “هُم قدّروا على أساس أن2.5 مليار دولار خسارات اقتصادية تشمل المباني والطرق وكل ما يتصل بالبنيات التحتية الأساسية، فيما تشييد وبناء المساكن في إطار إعادة الإعمار سيتطلب 7.5 مليارات دولار”.
وذهب أستاذ الاقتصاد بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات بالمغرب إلى أنها مجرد “تقييم غير نهائي”، مفيدا بأن “الصورة بدأت تتضح-ولو أوّلياً-على ضوء خلاصات اجتماع العمل بقيادة الملك يوم الخميس، الذي أقر مساعدات مالية مستعجلة للأسر تصل 30 ألف درهم في السنة (2500 درهم شهريا)، و140 ألف درهم للمساكن المنهارة كليا، و80 ألف درهم لترميم المنهارة جزئياً”.
“صندوق الزلزال يخفف العجز”
الرهج لم يتوانَ في بعث رسائل طمأنة، ضمن حديثه لهسبريس، بأن “آثار الزلزال المدمر لن تشكل أي خلل كبير جدّاً على توازنات المالية العمومية ضمن الميزانية العامة للبلاد، رغم تفاقم العجز بشكل طفيف مرتقب”، متابعاً بأن “إحداث الصندوق الخاص رقم 126 في إطار حساب مُرصَد لأمور خصوصية، سيخفف من الآثار الاقتصادية بلا شك”.
وأشاد الخبير الاقتصادي المغربي ذاته بالقرارات المتخذة إثر الاجتماعات الحكومية المتتالية، لافتا إلى أنها “تدخل في إطار المستعجل جداً، وكاستجابة أولية سريعة لتخفيف وقع الكارثة”.
ولفت المتحدث إلى أن “تقديرات الخسائر وتعويض البنية التحتية قد ترتفع في التقييم النهائي الرسمي، لا سيما أن هناك نقاشا حول الكيفية التي ستعتمَد في إعادة الإعمار بين قرى نموذجية أو مساكن قروية تعتمد معايير مضادة للزلازل، فضلا عن تجهيزات عمومية مشتركة كالمراكز الصحية والمدارس وشبكات الكهرباء والماء”.
المصدر: وكالات