انتقدت المحامية مريم جمال الإدريسي الإطلالة الغريبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على المغاربة من على نافذة مواقع التواصل الاجتماعي، في تجاوز لحدود اللياقة والأدب الدبلوماسي.
ووصفت الإدريسي، ضمن مقال توصلت به هسبريس، تجرؤ ماكرون وتطاوله وتخطيه كل الحدود حين اعتمد مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لتمرير خطاب خارج السياق، بـ”المراهقة السياسية”.
وهذا نص المقال
ونحن نعيش على وقع الأزمة الإنسانية التي خلفها زلزال المغرب، وعلى إيقاع الدينامية الكبيرة التي تتمظهر في تجند كل القوى الوطنية والسلطات العمومية والتضامن الشعبي منقطع النظير، وتحت إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، من أجل جبر الأضرار المتنوعة التي خلفتها الكارثة الطبيعية، والتفكير في المخططات الاستراتيجية الرامية لإعادة إعمار المناطق المنكوبة، يخرج علينا رئيس الجمهورية الفرنسية من إحدى نوافذ مواقع التواصل الاجتماعي، في حالة غريبة وعجيبة تحتاج لقراءات علمية من خبراء علم النفس.
عينان جاحظتان، يدان تعتصران في تشابك ينم عن عدوانية ومكر، وملامح وجه في غير تناسق تبتغي إخفاء الحقيقة من خلال المجاهدة في تمثيل دور الرجل المتألم من وقع كارثة ألمت بأحفاد وأبناء المقاومين والشهداء الذين أسيلت دماؤهم من طلقات نار فرنسية.
يخرج ماكرون بخطاب مباشر موجه للمواطنات والمواطنين المغاربة، أجل كما سمعتم، إنه الرئيس لدولة أخرى، ودون دهشة ولا استغراب، فقد تجرأ الرجل بالفعل، وتخطى كل حدود اللياقة والأدب الدبلوماسي وكل القواعد والأعراف الناظمة للعلاقات الدولية، فسمح لنفسه بمخاطبة شعب أعطى الدروس في التضامن والتآزر والتآخي، شعب أثبت أنه قدوة لمن لا قدوة له في الوطنية والاحترام والانضباط، نعم، خرجنا محتجين وفي مسيرات مليونية لم نكسر زجاجة واحدة، ولا اعتدينا على ممتلكات الأغيار، اصطففنا في كل المناسبات الوطنية والمواقف الإنسانية، شبابا وشيابا، خلف ملكنا مناصرين لعزتنا ووطننا، وأقول هذا لأذكر بما كانت ساحات فرنسا شاهدة عليه من تجاوزات واعتداءات إبان الاحتجاجات المتتالية، التي ورغم عنفها، تظل خير دليل على فشل القيادة السياسية.
رئيس الجمهورية الفرنسية يتصرف هو ومن معه من صحافيين جندوا أنفسهم في حوارات مصورة منذ حلول الكارثة الإنسانية بالمغرب، لعرض مشاعرهم المتألمة، ليس مما أصاب الضحايا، وإنما مما أصابهم من ذعر وخوف على مستقبلهم الذي ارتبط ولا يزال مرتبطا بثروات الغير. ففرنسا لا تقبل المعاملة بالمثل، وترفض أن تكون دولة كغيرها من الدول في نسق العلاقات الدولية للمملكة المغربية حيث يسود الاحترام المتبادل واحترام السيادة وتحصينها.
إمانويل ماكرون تجرأ وتطاول وتخطى كل الحدود حين اعتمد مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لتمرير خطاب خارج السياق، يؤكد مراهقة سياسية، حيث تتحكم في القرارات والتصرفات رعونة وطيش غير مقبول، لكن ربما يحسب الرجل في قرارة نفسه أنه يخاطب من يقلون عنه ذكاء ومن هم غير قادرين على فك شفرات الكلمات المبطنة وما تخفيه من مكر لئيم يراد منه فتنة توقف مسار دولة نحو تنافسية محتومة.
والغريب أنه يتساءل عن البوليميك أو الجدل العقيم الذي أثير حول قبول أو عدم قبول التقدم بطلب مساعدة إنسانية، في وقت اعتبره غير مناسب مادام الألم يعصر قلبه على المغاربة، ونسي أن المغرب بملكه وشعبه ومؤسساته أقوى وأكبر من ترهاته التي باتت تشبه العمل البهلواني، مع كل الاحترام لمن يزرع البسمة والفرح في قلوب الناس.
وبهذا يخلص القول، إن لا حق لهذا الرجل في مخاطبة المغاربة المتمسكين بهويتهم ووحدة وطنهم وملكهم ومؤسساتهم وقانونهم الذي يجبره ويجبر غيره على الاحترام التام وغير المشروط، أما وأن يتخطى حدوده بعد أن نالت من وجهه صفعات ولكمات الغاضبين من تدبيره وسياسته، وبعد أن أصبحت شوارع فرنسا شاهدة على كل أنواع العنف المتعارض والحضارة التي لطالما سيقت على أنها الحقيقة، وبعد أن تعبت جردان باريس من وطء الأقدام الغاضبة من سياسته وقراراته، تمادت بعد كل هذا صحافة تابعة مشهود لها بالتطاول والتشهير دون احترام لحق سيدة مغربية في الصورة التي التقطتها عدسات فرنسية ونشرتها على صفحات أولى دون إذنها ودون احترام للقانون ولا لحقوق الإنسان وحرياته.
وبعيدا عن محاولات التأثير الفاشلة التي نهجها رئيس فرنسا، لا بد وأن نذكره بأن معيار قياس صدق الصداقة التي يدعيها، هو الاحترام والاعتراف بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، والمعاملة بالمثل في كل التدابير والإجراءات الرابطة بين دولتين، بما فيها إلغاء تأشيرات الدخول لترابي الدولتين، دون مزايدة أو إثراء غير مشروع على حساب أموال المغاربة، والأهم من كل ما قيل الابتعاد والحذر من كل مساس بالعلاقة الرابطة بين ملك وشعبه، لأنها علاقة مقدسة لا يفهمها غير المغاربة الأحرار لا تجار العار الذين مازالوا يتغنون بماما فرنسا ويحنون لزمن كان فيه البعض ممن يحملون جينات الخيانة يرقصون بين المقاوم والمستعمر لنشر الخبر وإيصال المعلومة ولو على حساب المصالح العليا للوطن.
المصدر: وكالات