في القرى والمداشر الجبلية التي تضررت جراء زلزال الحوز، وحيث تستمر عمليات الإنقاذ وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض وإسعاف الجرحى ومواكبتهم نفسيا، وجدت العديد فرق الإنقاذ والأطقم الطبية وقوافل الدعم النفسي صعوبة في التواصل مع السكان المحليين الذين لا يتحدثون إلا اللغة الأمازيغية.
ومن المعروف أن العديد من المواطنين المغاربة في مناطق الحوز وشيشاوة وتارودانت، وغيرها من المناطق المتضررة؛ غير متمكنين من اللغة العربية الفصحى، ولا يتحدثون سوى بلغتهم الأم، وهو ما يشكل عائقا من شأنه “إبطاء عمليات التدخل والمتابعة النفسية” للمتضررين.
وفي هذا الصدد طالبت فعاليات مدنية السلطات بتعبئة موارد بشرية تتقن اللغة الأمازيغية، وتراعي الخصوصيات الثقافية للمناطق المنكوبة، من أجل تحقيق تواصل فعال مع السكان المحليين الذين يحتاجون إلى المواكبة الصحية والنفسية المستمرة، وبالتالي “تقليص هذه الفجوة التواصلية وضمان نجاعة وفورية التدخل”.
عبد الله أمزري، أخصائي نفسي ومستشار أسري، قال إن “اللغة الأمازيغية هي الطاغية في المناطق المتضررة من زلزال الحوز، وبالتالي فإن المستشارين الأسريين الذين لا يتقنون هذه اللغة يجدون صعوبة في التواصل مع الساكنة المحلية، ويضطرون إلى الاستعانة بمترجمين من معارف أو عائلة المتضرر لفهم الحالة وإيصال المعلومة”.
وأضاف المتحدث عينه أن “هذا المشكل التواصلي يجب أن يشكل فرصة للمدربين الاجتماعيين والمستشارين الأسريين، وعموم العاملين في مجال الدعم النفسي والأسري، لتعلم اللغة الأمازيغية، خاصة الكلمات المهمة التي تُسهل عملية التواصل ارتباطا بهذا المجال”.
ودعا الأخصائي النفسي عينه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى “استغلال التطور التكنولوجي من خلال التطبيقات الرقمية والمواقع المتخصصة التي تسهل عملية الترجمة من العربية إلى اللغة الأمازيغية”.
عبد الله بادو، فاعل أمازيغي، قال إن “المشاكل التواصلية التي وجدتها الأطقم التي توجهت إلى المناطق المتضررة من الزلزال ليست من مسؤولية الساكنة المحلية، بل من مسؤولية الدولة التي كان عليها أن تراعي الخصوصيات اللغوية لهذه المناطق في تدخلاتها، ذلك أن ولوج الساكنة إلى الخدمات العمومية لا يشترط إتقانها لغة دون غيرها”.
وأضاف بادو أن “عدم التواصل مع السكان بلغتهم الأم قد ينجم عنه تعريض حياتهم للخطر، وإبطاء سرعة سير عمليات الإنقاذ، إضافة إلى حرمانهم من الاستفادة من المجهودات والإجراءات المتخذة على مستوى التعبئة والتوعية الصحية والمواكبة النفسية “، مؤكدا أن “كل المتضررين بحاجة ماسة إلى مواكبتهم نفسيا وصحيا في هذا الظرف العصيب وعلى المديين القريب والمتوسط”.
ولفت المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى “ضعف استعمال الأمازيغية في أغلب القنوات العمومية في تغطيتها لهذه الأحداث الأليمة”، مشيرا إلى أن “هذه القنوات بدورها كان عليها أن تراعي المعطى المتعلق بعدم إتقان الساكنة المحلية غير الأمازيغية، وهو ما يُناقض الحق في الإعلام والإخبار”.
وطالب الفاعل الأمازيغي ذاته بـ”تقليص هذه الهوة التواصلية عن طريق تعبئة موارد بشرية تُتقن اللغة الأمازيغية واللهجات المحلية، لتجويد تدخلاتها وضمان نجاعتها، سواء بالنسبة لفرق الإنقاذ أو الأطقم الطبية والتمريضية، والأخذ بعين الاعتبار هذا المكون اللغوي والثقافي في عملية التعبئة المجتمعية والمواكبة النفسية”، وخلص إلى أن “هذه الكارثة الإنسانية يجب أن تشكل فرصة لرفع التهميش عن هذا الجزء من المغرب، من خلال إعادة النظر في السياسيات التنموية والترابية الموجهة لهذه المناطق؛ ذلك أنها كشفت أن البلاد تسير بسرعتين متمايزتين”، مشددا في الوقت ذاته على أنها “كشفت كذلك أن اللغة الأمازيغية شرط من شروط تحقيق التنمية”.
المصدر: وكالات