يجلس في بلدته الصغيرة بغينيا، بينما دراجته بجانبه، اشتراها وهو صغير وأصبحت أقرب صديق له، كان يحلم بأن يسافر إلى مصر للدراسة بجامعة الأزهر في القاهرة، يعيش في أحلام اليقظة، ولا تمر ساعة واحدة إلا ويفكر في مصر، يوم وراء آخر، إلا أن اتخذ الغيني مامادو صفايو باري قراره بالسفر على عجلته من غينيا إلى القاهرة.
قرار فكر فيه «باري» كثيرًا، فعدم توافر إمكانيات السفر عبر الطيران، دفعه لاستقلال دراجته والسير وراء شغفه، ورغم صعوبة مغامرته المحفوفة بالمخاطر، إلا أن رغبته في دراسة الدين الإسلامي بالأزهر كانت أقوى من صعوبة الرحلة؛ أخذ الأدوات اللازمة التي تساعده على الحياة أثناء طريقه، ركب دراجته الهوائية، ودع أسرته بالدموع وسار قاصدًا حدود غينيا.
«باري» يروي رحلته لـ«الوطن»
صفايو باري، تحدث لـ«الوطن»، عن رحلته من غينيا إلى مصر، فرغم طول الرحلة التي بدأت منذ 4 أشهر تقريبًا، إلا أن دراجته ظلت كما هي طوال الرحلة، ولم تتأثر أو تصاب بأي أعطال، ويروي: «لم يعارضني أحد من أفراد عائلتي على رحلتي، كانت الأسرة سعيدة وتشجعني، دراجتي لم يكن بها أي أشياء لتجنب الأعطال، لكن بأمر من الله لم تتعطل إطلاقًا، أتمنى أن أكون نموذج للشجاعة والمثابرة».
العثور على الطعام.. أزمة كبيرة
صعوبات ومخاطر عديدة، ربما كادت حياته أن تنتهي في أي لحظة، فالسير بين الدول على دراجة هوائية صغيرة، مغامرة تضع حياة الشخص على المحك، والعثور على الطعام، مشكلة كبيرة واجهت «باري»، فلم يكن يمتلك المال الكافي لشراء الطعام: «كنت أنام في الأدغال معظم الوقت، وكنت أقود الدراجة تحت المطر حتى في الليل، ونادرًا ما أستحمى».
صعوبات ومخاطر واجهت «باري» خلال رحلته
أثناء المرور من بوركينا فاسو، كان خائفًا من المواطنين هناك، وقبضت عليه الشرطة في توجو مرتين، وتعرض للسجن لمدة 9 أيام، وفي النيجر، تم بيع كأس من المياه له بسعر 25 فرانكا أفريقيا: «كنت مُتعبًا جدًا، وكنت أقود الدراجة أكثر من 10 كيلومترات، وأحيانًا لا أستطيع الركوب أثناء النهار، هكذا كان الأمر حتى التقيت ببعض التشاديين ومنذ ذلك الحين لم أعاني كثيرًا».
عبر البطل الغيني دول عديدة من غينيا إلى مالي ثم بوركينا فاسو وتوجو وبنين والنيجر وإلى تشاد، ثم منها سافر بالطائرة إلى مصر، وبقيت دراجته في تشاد، ولم يكن يمتلك هاتف محمول حديث، بل تليفون بأزرار لا يستطيع فتح الإنترنت من خلاله: «ذات مرة وأنا في النيجر، طلبت من أحد الرجال أن يلتقط صورة لي وأرسلتها إلى والدي لأخبره أنني بخير».
من تشاد إلى مطار القاهرة
بعد وصوله إلى تشاد، عامله المواطنون هناك كأخ لهم، وحصل على المساعدات المادية التي تمكنه من استقلال طائرة والسفر إلى مصر، يستكمل حديثه لـ«الوطن»: «أشعر أن الله ساعدني وإن شاء الله سيكون لدي هدف كبير في مصر، ومشروعي هو إيجاد طريقة لإرسال عائلتي إلى مصر، وسأقوم بالدراسة في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية».
استقباله بمطار القاهرة ثم السفارة الغينية
وصل مامادو صفايو أخيرًا إلى مصر، استقبله الطلاب الغينيون في مطار القاهرة بالترحاب، ثم رحبت به السفارة الغينية في مصر، وأكد رئيس شؤون سفارة غينيا بالقاهرة أنه سعد باستقبال نموذج لشاب مثابر وشجاع، وهو الآن يعيش مع صديق غيني يدرس بالأزهر الشريف أيضًا.