قصة هذين الزوجين ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في الشكوى من شخير الآخر، فهذان زوجان آخران كل واحد منهما يتهم الآخر أنه يسبب له الإزعاج كلما نام ارتفع شخيره حتى أنهما سجلا لبعضهما بعضاً بالصورة والصوت، فكل منهما كان يرمي شخيره إلى التعب والكلل، وقررا أن ينام كل واحد منهما في غرفة كلما ارتفع شخيره.
وهذه شكوى أم احتارت مع طفلتها ابنة التاسعة التي باتت تخشى عليها من الاختناق لشدة شخيرها، رغم أنها خضعت لعملية جراحية في اللوز والأنف عندما كانت في الخامسة من عمرها.
كثرة الأكل وكبر السن
لمعرفة أسباب الشخير وإلى أي حد قد يصل بالإنسان، طرقت «عكاظ» باب أخصائي أول أنف وأذن وحنجرة الدكتور فراس نايف، الذي عرّف الشخير بالصوت الأجش أو الخشن ووصفه بأنه يحدث عند تدفق الهواء أمام الأنسجة المتراخية في الحلق والأنف والحنجرة أو أحدها، ما يؤدي إلى اهتزاز الأنسجة مع التنفس، نتيجة عوامل عدة، كتشريح الفم والجيوب الأنفية، والحساسية، ونزلة البرد، والوزن الزائد، والوراثة التي تعتبر من عوامل الشخير وتوقف التنفس الانسدادي أثناء النوم (OSA)، والتقدم في السن (أكثر من 50 عاماً)، وبلوغ النساء سن اليأس، وصغر حجم الفك أو تراجع الفك بشكل أكبر من الطبيعي، وزيادة الوزن ووجود لوز كبيرة، والأكل قبل النوم مباشرة، والنوم على الظهر، وقلة النوم ووجود انحراف في الحاجز الأنفي، أو احتقان مزمن في الأنف، جميعها من أسباب الإصابة بالشخير، وتكون أكثر ظهوراً في الرجال عن النساء.
ارفع رأسك أثناء النوم !
يشير الدكتور فراس نايف، إلى أن العَلامات التحذيريَّة الداعية للقلق تتمثل في الإصابة بنوبات من انقطاع التنفس أو الاختناق أثناء النوم أو الشعور بالصُّدَاع عند الاستيقاظ في الصباح والنعاس أثناء النهار والسمنة. وأوضح، أن علاج الشخير يتمثل في التدابير العامة للتخلص من عوامل الخطر ووسائل فتح المجاري الهوائية العليا أو تقوية البنى ذات الصلة، والحفاظ على الرأس مرفوعاً عند النوم، والاستلقاء على جانب واحد مع تخفيف الوَزن، وتجنب المشروبات الكحولية والأدوية المهدئة لعدة ساعات قبل وقت النوم، مع استخدام مضادَّات احتقان أو بخاخات للأنف الحاوية على الستيرويدات القشرية، وزيارة طبيب الأسنان للتأكد من أن الجهاز الفموي يعمل على النحو المنشود، فزيادة اللعاب والفم الجاف والألم الفك وعدم الراحة في الوجه أعراض جانبية محتملة، مختتماً أن بعض الحالات تستدعي علاجها بالتقنية الجراحية جديدة «تحفيز العصب تحت اللسان».
هل تنام عند إشارة المرور ؟
يقول استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة والرأس والعنق وتجميل الوجه الدكتور المؤيد بالله رمال، أن الشخير واحد من أعراض اضطرابات النوم وأخطرها توقف التنفس أو الاختناق عند النوم، فيما يكون عند الأطفال بسبب تضخم اللوز واللحمية، أما الكبار فنتيجة الشكوى من اضطرابات النوم وزيادة الوزن الأكثر شيوعاً.
وللوقوف على حالة من يعاني من الشخير أوضح الاستشاري الرمال، أن من الضروري أن يخضع لفحوصات مخبرية لمعرفة تاريخه المرضي وهل يعاني من استسلام للنوم كلما وجد نفسه في أماكن هادئة أو عند إشارات المرور الضوئية؟ وهل كلما استيقظ من نومه شعر بالتعب والإرهاق والرغبة في العودة للنوم؟ مع الوقوف على حالته الصحية من خلال الفحص؛ هل يعاني من أي ضيق في مجرى التنفس؟ أو وجود لحميات؟ أو تضخم في اللوز؟ أو عدم وجود نزول في سقف الحلق؟ هذه من الضروريات التي لا بد من الوقوف عليها لتشخيص حالات الذين يعانون من الشخير.
الدكتور المؤيد بالله، بين أنه للوقوف بشكل أدق على هذه الحالات لا بد أن يخضع المريض لفحص اختبار النوم من خلال التنويم في المستشفى لمتابعة حالته بواسطة جهاز يتتبع حالته ويشخصها بدقة ويقف على نسبة الاختناقات التي يتعرض لها ونسبة نزول الأكسجين. وفي بعض الحالات قد تضطر للتغلب على مشكلة الشخير لارتداء قناع ينظم عملية دخول وخروج الهواء لكن البعض قد لا يتقبله، فيما يخضع آخرون إلى تعديل انحراف الحاجز الأنفي.
تضخم القرنيات الأنفية
طبيب الأسرة بمركز صحي الأجاويد الدكتور يحيى الضامري، يرى أن لخمول الغدة الدرقية وزيادة الوزن دوراً في الإصابة بمرض الشخير، لذلك دائماً ينصح الأطباء بتغيير نمط الحياة اليومي من خلال ممارسة رياضة المشي، وتناول الخضروات والتقليل من النشويات، والتوقف عن تناول السكر المضاف والوجبات السريعة والزيوت المهدرجة.
وأوضح الضامري، أن بعض حالات الشخير تتم معالجتها بواسطة الأدوية التي تشمل العلاج بالهرمونات للاضطراب وإبر إنقاص الوزن والعمليات الجراحية، وبعض المصابين بأمراض الحساسية من الممكن تعرضهم لمرض الشخير نتيجة إصابتهم بتضخم في القرنيات الأنفية، وكذا المصابين بالتهابات الحلق والإنفلونزا، فالأمراض الموسمية تؤدي إلى تضخم في مجرى التنفس وتضخم اللوزتين، إضافة إلى أن ارتخاء اللسان يؤدي أيضاً إلى انسداد أو ضيق في مجرى الهواء.
الخمسينيون.. الأكثر شخيراً
أشارت وزارة الصحة، إلى أن 40% ممن هم فوق الـ50 عاماً يشخرون بانتظام، وهو صوت عالٍ ومزعج جداً يصيب الرجال أكثر من النساء لكن يتساوى الجنسان عند بلوغ المرأة سن اليأس، ويمكن أن يصيب الأطفال أيضاً، وله نتائج اجتماعية مهمة خصوصاً في العلاقات الزوجية ومع المحيط، ويتخلص منه الشخص بالاستيقاظ الفجائي عندها يستطيع التنفس بطريقة عادية، وهو من الأعراض العادية والمنتشرة لكنه يمكن أن يكون خطيراً على المدى البعيد خصوصاً عندما تنتج عنه مشكلة انقطاع التنفس أثناء النوم التي تصيب 5% من الناس، ويمكن أن تكون له نتائج وخيمة على مستوى القلب والشرايين والضغط الدموي وقد يصل الأمر إلى حدوث الجلطة، ولذلك يجب استشارة الطبيب المختص عند تطور الوضع، أما الأطفال فلا بد من عرضهم على الطبيب للوقوف على حالاتهم وقد يكون السبب كبر اللوزتين. وأوضحت «الصحة» وجود علاج لبعض الحالات يتمثل في تركيبات بلاستيكية توضع داخل الفم تعمل على توسيع مجرى الهواء وبقائه مفتوحاً، وأن هناك أنواعاً مختلفة من هذه التراكيب منها التي ترفع الفك السفلي إلى الأمام وهي الأكثر شيوعاً، فيما توجد تراكيب تجذب اللسان إلى الأمام وتمنعه من الرجوع إلى الخلف وسدّ مجرى الهواء أثناء النوم.