رغم التأكيدات المغربية المتكررة أن التقارب مع إسرائيل لا يمكن أن يكون على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وتجديد الرباط موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية والإنسانية في هذا الإطار، ومن أعلى المستويات، إلا أن بعض الأصوات الفلسطينية لا تتوانى في كل مرة في التشكيك في هذه المواقف والتدخل في الشؤون السيادية والاختيارات السياسية الكبرى للمملكة.
فبعد التصريحات التي أطلقها جبريل الرجوب، القيادي في حركة فتح وزير الشباب والرياضة في الحكومة الفلسطينية، والتي انتقد فيها “التطبيع المغربي الإسرائيلي”، قبل أسابيع، علقت حركة “حماس” بدورها، في شخص القيادي عضو المكتب السياسي للحركة الفلسطينية في الخارج سامي أبو زهري، على الزيارة التي كانت مرتقبة لرئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، إلى دولة إسرائيل، رافضا ما أسماه “الإمعان في التطبيع والحميمية مع الاحتلال”.
ونشر أبو زهري، الثلاثاء، تغريدة على حسابه على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، قال فيها: “نؤكد رفضنا لزيارة رئيس مجلس المستشارين في المغرب، وهي تمثل إمعانا في التطبيع والحميمية مع الاحتلال وتحديا واستفزازا ودعما للاحتلال وشرعنة لجرائمه وطعنة لقضية القدس”، داعيا في الوقت ذاته إلى إلغاء هذه الزيارة “غير المرحب بها”.
يوسف بن الشيخ، ناشط أمازيغي، قال إن “تيارات الإسلام السياسي في فلسطين تحاول فرض منطقها ورؤيتها الإيديولوجية في التعاطي مع القضية الفلسطينية”، مشيرا في الصدد ذاته إلى أن “هذه التيارات حرقت كل أوراقها الإيديولوجية بعد أن ثبت لشعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن أكبر عائق أمام وحدة الشعب الفلسطيني هو هذه التيارات الأصولية، وليس الدول المطبعة أو غير المطبعة”.
وأضاف بن الشيخ، في تصريح لهسبريس، أنه “بناء على ذلك، فمن الطبيعي أن تحاول هذه الحركة الجهادية التدخل في الشؤون السيادية للبلدان”، موضحا أن “قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دولة إسرائيل قرار سيادي للمملكة، ورهان استراتيجي بالنسبة للرباط في ظل التحولات الإقليمية والدولية التي تفرض تقوية التحالفات بين الدول”.
وخلص إلى أنه “رغم علمها بالظروف المحيطة بهذا التقارب، إلا أن بعض الحركات الأصولية، في الداخل والخارج على حد سواء، لا تتوانى في محاولة الاستغلال السياسوي لهذا التقارب لإعادة تجييش الرأي العام نحو أقطابها الإيديولوجية التي تجاوزها الواقع والتاريخ”، لافتا إلى أن “منطق هذه الجماعات لا يمكن الرهان عليه اليوم في مواجهة تحديات التغيرات الإقليمية والدولية التي تشكل إفريقيا مسرحا لها”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية بمراكش والصويرة، إن “اليهود المغاربة المقيمين في المغرب والجالية المغربية في إسرائيل، على حد سواء، يساندون السياسة المغربية الرسمية التي اختارت التقارب مع إسرائيل، وبالتالي تعزيز فرص السلام في المنطقة وتقريب وجهات النظر ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتسوية النزاع بينهما”.
وأضاف كادوش أن “استئناف المغرب علاقاته مع إسرائيل خيار استراتيجي لا يحق لأي طرف كان التدخل فيه، على اعتبار أن المغرب دولة ذات سيادة وهو أدرى بمصالحه”، مشيرا إلى أن “المملكة المغربية تدعم السلم بين فلسطين وإسرائيل، ومرشحة لإيجاد أسس التسوية السلمية لهذا النزاع بفضل علاقاتها المتميزة مع جميع الأطراف”.
ولفت المتحدث عينه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “الذين يشككون في السياسة المغربية في هذا الإطار يقوضون تحقيق السلام بما يخدم الشعوب. وبالتالي، فإن عليهم الاستفادة من دروس الماضي”، متسائلا في هذا الصدد: “ما الذي تم تحقيقه طيلة عقود ماضية من العداء والشعارات؟”.
وخلص رئيس الطائفة اليهودية بمراكش والصويرة إلى أن “استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل كان بالنسبة لليهود المغاربة ومغاربة إسرائيل حلما طال انتظار تحققه من أجل تبادل الزيارات ما بين البلدين”، مضيفا أن “المشوشين على هذا التقارب يرفضون السلام ويراهنون على بقاء الوضع على حاله”.
المصدر: وكالات