تواصل مؤسسة “يطو” لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف قوافلها الميدانية المستمرة منذ سنة 2004، بحيث أطلقت فعاليات القافلة الاجتماعية النسائية من أجل رفع العنف الممارس على النساء والفتيات وتحقيق المساواة الفعلية في مجموع التراب الوطني، اليوم الأحد بالجماعتين القرويتين أغبار المركز وإمسيوي والدواوير المكونة لهما، لتليها أيت حكيم وأيت إزيد وغجدامة.
الرّهانات الميدانية التي تقدّمها هذه القافلة، التي تجوب مجموعة من الدواوير النائية التي تعاني من العزلة بإقليم الحوزـ جهة مراكش آسفي، مازالت “تنال إعجاب الفاعلات الحقوقيات”، اللائي يؤكدن أنّ “هذه القوافل تشكل جسرا حقيقيا للخطاب النسائي ومحاولاته للنفاذ إلى أكبر قدر ممكن من النساء، لرفع وعيهنّ بالعديد من التحديات المشتركة المتصلة بالعنف المبني على النوع الاجتماعي”.
وفي هذا الصدد قالت نجاة إخيش، رئيسة مؤسسة “يطو” لإيواء وإعادة تأهيل نساء ضحايا العنف، إن “المؤسسة مازالت مستمرة في هذه القوافل، نظرا لكونها آلية ناجعة وفعالة تنقل الخطاب النسوي إلى الواقع المأساوي الذي تعيشه العديد من المغربيات على مستوى القرى والهوامش النائية، التي معظم نسائها لا يدركن معنى العنف أو المساواة وغيرها من المطالب المرفوعة في النقاش المغربي”.
وأضافت إخيش، في تصريحها لجريدة هسبريس، أنّ “القوافل تركز على شق صعب وهو الشق الميداني، لكنه حيوي ويساهم في اعتماد مبدأ القرب بدل مخاطبة نساء الهامش من الأبراج العاجية”، مبرزةً أن “هذه القوافل تمثّل مقاربة تشاركيّة تحتوي أصوات نساء الهامش، وتمكنهن من المشاركة في صياغة تصورات عن العنف لم تكن معروفة، أو كانت تقدم بالنسبة لهن كأمور ثانوية ليست بتلك الأهمية”.
وتابعت المتحدثة ذاتها بأنّ “هذه القوافل ليست ترفاً، فهي تمكن من تقوية الملفات المطلبية وحملات الترافع من أجل مساواة فعلية لا تقصي أي شريحة من النساء ضحايا العنف السسيو-اقتصادي والقانوني”، مردفة: “هذه القوافل هي بمثابة جلسات للعلاج النفسي، خصوصا حين تشعر المرأة بأنّ هناك من يستمع إليها باهتمام”، وزادت: “تعاني نساء المناطق النائية من عنف مضاعف ومركب يجمع ما هو جسدي ومعنوي وجنسي واقتصادي”.
وشددت رئيسة “يطو” على أنّ “القوافل تساعد نساء الهامش على إبراز العديد من الكفاءات المغيبة أو المقموعة بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، مؤكدة أنّ “هؤلاء النسوة لهن قدرة مهمة على اقتراح العديد من الحلول التي من شأنها أن تفك العزلة وترفع الحصار عنهن، ودور القافلة هو التقاطها وتقديمها لإبلاغ هذه الأصوات لمختلف النخب السياسية والاقتصادية والإعلامية”.
وذكرت المتحدثة أنّ “القوافل ساهمت في إعادة بناء الخطاب النسائي المغربي، لكون العديد من الشعارات التي كنا نعيد تدويرها، كمحاربة الهدر المدرسي وإجباريّة التعليم، كشفت أنها خطابات عامة”، مبرزة أن “العديد من الآباء لديهم كل الإرادة لتعليم بناتهم، لكنها تصطدم بالعديد من العراقيل الموضوعية والمفهومة، كالتخوف على بناتهن من الاغتصاب أو الاعتداء أو التحرش”.
كما أكدت إخيش أنّ “قوافل ‘يطو’ وغيرها كانت مسألة مفصلية في تحرير كلمة المرأة القروية، حتى أصبح صوتها إلى حد كبير مسموعا ومتداولا في الخطابات الإعلامية، رغم أنّ الدور الإعلامي يجب تعزيزه لكي يكون مساهما في عملية التغيير”، مشددة على أنّ “القوافل تساعد النساء على الانتظام في جمعيات نسائية وتعاونيات تمكنهن من تحقيق نوع من الاستقلال الاقتصادي، عبر تشجيعهن على ممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية المناسبة لإمكاناتهنّ”.
وأفادت الناشطة النسائية بأنّ “القوافل كانت ذات دور هام في التحسيس بضرورة إيقاف تزويج القاصرات أو تشغيل الطفلات”، مبينة أنّ “ثمارا مهمة جنيناها تبعا لكل تلك الجهود التوعوية، إذ مكننا العمل الميداني من إيصال العديد من برامج الحركة النسائية المغربية وإستراتيجيتها لوقف كل أشكال العنف والتمييز ضد النساء؛ ورفع هذا الأمر وعيهن بالقانون”.
واستطردت المتحدثة بأن “النساء القرويات كنّ يسمعن عن الكثير من القضايا عبر التلفاز ولا يعرفن تفاصيلها”، مسجلة أنّ “المرأة القروية صارت تعرف أنّ ‘طابو’ العنف تكسر، وأنّ بوسعها المطالبة بحقوقها”، خاتمة: “تمكنا من تقريب النساء من مفاهيم مختلف أشكال العنف، بشكل يجعل المرأة مساهمة في جرد أنماطه السائدة، والتنديد بها، وهو ما نود أن يصبح ثقافة في العالم القروي. وقد ساعد هذا في صياغة تقرير متكامل جامع حول العنف بجميع المناطق وليس في المدن الكبرى فقط”.
المصدر: وكالات