في شهر أبريل الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال الطفل المقدسي عمر أبوغنام (15 عاماً)، لتحتجزه داخل أقبية سجونها 28 يوماً متواصلة، ومن ثم فرضت بحقه حكماً بالحبس المنزلي حتى شهر ديسمبر المقبل، قابل للتمديد مدة إضافية أخرى. وجرّاء ذلك، حرم (عمر) الالتحاق بالصف العاشر كبقية الطلبة الفلسطينيين مع بداية العام الدراسي الجديد يوم 19 أغسطس الماضي، وهذا ما سيرافقه حتى نهاية الفصل الدراسي الأول، في حال لم تمدد المحكمة الإسرائيلية حكم الحبس المنزلي.
استهداف أطفال القدس
الطفل (عمر) واحد من بين 255 طفلاً وقاصراً في المدينة المقدسة أصدرت قوات الاحتلال بحقهم حكماً بالحبس المنزلي لفترات متفاوتة، بعضهم أنهى فترة حبسه، بينما لايزال يخضع 90 طفلاً للحبس المنزلي حتى الآن، ليحرموا الالتحاق بمقاعد الدراسة، وفقاً لمعطيات مركز فلسطين لدراسات الأسرى.
ويفيد المركز الحقوقي بأن ذلك يأتي ضمن سياسة إسرائيلية تستهدف أطفال القدس دون سن 14 عاماً والقاصرين بالسجن خلف جدران منازلهم، وعدم الخروج منها إلا بقرار من محكمة الاحتلال.
وبحسب مركز دراسات الأسرى، فإن الاحتلال يعتقل في سجونه حالياً 170 طفلاً فلسطينياً، جميعهم من طلاب المدارس في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وهؤلاء كان يجب أن يكونوا جالسين على مقاعدهم الدراسية مع بدء العام الدراسي الجديد، ولكنهم حرموا من ذلك، كون الاحتلال يعتقلهم منذ فترات مختلفة، في ظروف سيئة، وبعضهم يقضي أحكاماً بالسجن لسنوات طويلة.
حرمان مضاعف
انتقلت «الإمارات اليوم»، إلى بلدة الطور شرق مدينة القدس، حيث منزل الطفل عمر أبوغنام، الذي يعيش داخل جدرانه الأربعة عزلة تامة عن محيطه، ليحرم من أدنى حقوقه كاللعب والتعليم والتنزه، والتي كفلتها قوانين حقوق الطفل الدولية. وبينما يعجز (عمر) عن مغادرة بيته لحظة واحدة، خلال فترة حبسه المنزلي، إلا أن قوات الاحتلال تداهم بيته مرتين وأكثر خلال اليوم الواحد، للتأكد من عدم مغادرته.
ويقول أبوأحمد أبوغنام والد الطفل (عمر): «إن الاحتلال أفرج عن طفلي في الأول من مايو الماضي، بعد اعتقاله خلف القضبان على مدار أربعة أسابيع كاملة، ليفرض بحقه الحبس المنزلي، إلى جانب غرامة مالية قدرها 5000 شيكل».
ويسترسل: «إن ما يفاقم من معاناة ابني (عمر)، حرمان الحبس المنزلي مواصلة مسيرته التعليمية بانتظام للعام الثاني على التوالي، إذ أجبره هذا النوع من الاعتقال على حرمانه استكمال دراسة الصف التاسع داخل فصول مدرسته، في نهاية العام الدراسي الماضي، وتقديم الاختبارات النهائية عبر تقنية الفيديو (زووم)، المثبتة على الهواتف النقالة، ليتضاعف حرمانه من الدراسة خلال الفصل الأول الجاري من العام الدراسي الجديد».
ويلفت (أبوغنام)ً إلى أن فرض الحبس المنزلي على طفله ألقى بظلاله سلبا على صحته النفسية، وأن (عمر في) حال حاجته التوجه إلى الطبيب، يجب على عائلته إبلاغ المحامي، حتى يتمكن من الحصول على إذن من شرطة الاحتلال للسماح له بالعلاج.
استياء شديد
بالانتقال إلى حي باب حطة بجوار المسجد الأقصى المبارك، يخضع الطفل أيهم الباسطي (13 عاماً)، لعقوبة الحبس المنزلي منذ بداية شهر مايو الماضي، بقرار من المحكمة الإسرائيلية بالمدينة المقدسة، ما حرمه استكمال دراسة الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي، ويقف اليوم حائلاً أمام التحاقه بالفصل الأول من العام الجديد، لانطلاق رحلته الأولى مع المرحلة الإعدادية.
ويفصح الطفل (أيهم) عن استيائه الشديد من تقييد حريته وحرمانه حقوقه جرّاء الحبس المنزلي، واصفاً هذا الإجراء العقابي بالمأساة القاسية، إذ يحرمه ذلك على مدار أربعة أشهر متواصلة من طفولته ودراسته. ويقول (أيهم) ببراءة متناهية: «سئمت هذا العقاب الذي أتعرض له دون ذنب أقترفه، أنتظر انتهاء حكم الحبس المنزلي حتى أتخلص من المعاناة التي أتجرع مرارتها خلف جدران منزلي على مدار الساعة».
ويضيف: «إن محكمة الاحتلال لم تحدد موعداً لانتهاء حكم الحبس المنزلي الذي أقضيه حالياً، فيما سأعرض أمامها في سبتمبر الجاري وديسمبر المقبل، لاستكمال جلسات قضية اعتقالي».
عقاب بحكم قضائي
من جهة ثانية، يقول محامي مركز معلومات وادي حلوة المقدسي، فراس الجبريني: «إن الاحتلال يفرض الحبس المنزلي كعقاب جماعي يستهدف الطفل وعائلته، إذ يصبح المنزل سجناً صغيراً، ويتحول الأهل إلى سجانين، بعد أن وقعوا على تعهدات مالية كبيرة، لتحرر ابنهم من السجن الفعلي، وإطلاق سراحه من خلف القضبان الإسرائيلية».
ويشير إلى أن الحبس المنزلي سياسة عقاب بحكم قضائي إسرائيلي، يفرضه الاحتلال بحق الأطفال والقاصرين، حتى انتهاء المداولات القضائية والإجراءات القانونية للقضايا التي يعتقلهم الاحتلال بناء عليها، وجميعها تكون بحجة رشق قوات الاحتلال بالحجارة.
ويوضح الجبريني أن «مدة الحبس المنزلي تتواصل لأيام أو لأسابيع أو لشهور أو لعام وأكثر»، منوها إلى أن هذه الفترة لا تحتسب من الحكم الفعلي الذي يصدر لاحقاً بحق الطفل أو القاصر.
• الطفل (عمر) واحد من بين 255 طفلاً وقاصراً في المدينة المقدسة، أصدرت قوات الاحتلال بحقهم حكماً بالحبس المنزلي لفترات متفاوتة، بعضهم أنهى فترة حبسه، بينما لايزال يخضع 90 طفلاً للحبس المنزلي حتى الآن، ليحرموا الالتحاق بمقاعد الدراسة، وفقاً لمعطيات مركز فلسطين لدراسات الأسرى.
• بحسب مركز دراسات الأسرى، فإن الاحتلال يعتقل في سجونه حالياً 170 طفلاً فلسطينياً، جميعهم من طلاب المدارس في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وهؤلاء كان يجب أن يكونوا جالسين على مقاعدهم الدراسية مع بدء العام الدراسي الجديد.