يواجه المغرب، في الأسابيع الأخيرة، خيارات صعبة في تدبيره لأزمة المياه، لاسيما في ظل تراجع حقينة السدود إلى مستويات توصف بـ”المقلقة”.
وحسب أرقام المديرية العامة لهندسة المياه التابعة لوزارة التجهيز والماء فقد بلغت نسبة ملء سدود المملكة اليوم الإثنين 27.2 في المائة، باحتياطي مخزون بلغ 4378,3 ملايين متر مكعب.
وتطرح هذه الأرقام إشكاليات عدة أمام مدبري شأن الماء بالمغرب، أهمها خلق توازن بين ضمان إمداد سكان المدن والقرى بالماء الصالح للشرب وتوفير مياه كافية للفلاحين لري محاصيلهم وإنقاذها من الضياع، وضمان تموين الأسواق المغربية بالمنتجات الفلاحية.
وموازاة مع معاناة العديد من المناطق في المغرب من انقطاعات متكررة للماء الصالح للشرب، خاض فلاحون وقفات واعتصامات احتجاجاً على “حرمانهم” من حصص الري الفلاحي المخصصة للزراعات الموسمية.
أحمد الهوتي، خبير في الهندسة القروية عضو المجموعة الفرعية للماء لخريجي معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، قال إنه في تدبير المياه، خاصة في حالة الندرة، دائما ما تُعطى الأولوية لمياه الشرب، باعتباره خياراً صائباً.
وأضاف الهوتي، ضمن تصريح لهسبريس، أن المغرب يحاول الحفاظ على احتياطي يكفي لعامين إلى ثلاث سنوات لتلبية حاجيات السكان من المياه الصالحة للشرب، مبرزاً في الوقت ذاته أنه مع توالي سنوات الجفاف يمكن أن تنتج عن هذا الخيار عواقب، أهمها انعكاسه على الإنتاج الفلاحي.
وأشار المهندس الزراعي ذاته إلى أن ضعف النسبة المخصصة للري الفلاحي من مخزون المياه السطحية بالمملكة يُساهم في إضعاف حجم الإنتاج الفلاحي من المواد الاستهلاكية الأساسية للأسرة المغربية، المتعلقة أساساً بالخضر، مذكّراً بالاحتياجات التي عرفتها الأسواق المغربية خلال رمضان الماضي في الطماطم والبصل.
وذكّر أحمد الهوتي بإحدى التوصيات الواردة في الكتاب الأبيض الذي ساهم فيه إلى جانب حوالي 30 خبيراً وباحثاً في مجال الماء، والمتعلّقة بعدم الاعتماد على مخزون المياه السطحية (السدود) في توفير الماء الصالح للشرب للمغاربة، والعمل على توفير الأخير من مصادر أخرى، كمحطات تحلية مياه البحر كخيار أساسي.
وأكد الخبير في الهندسة القروية، استنادا إلى التوصية ذاتها، أنه بالإمكان تخصيص جزء من مياه البحر المحلاة لسقي بعض الزراعات، بعد سد الحاجيات من الماء الصالح للشرب، إلى جانب المياه العادمة المُعالجة.
وكان مؤلفو الكتاب الأبيض المعنون بـ”من أجل تدبير مستدام لضمان الأمن المائي ببلادنا” نبّهوا إلى أن التوجه المرتكز على تنمية العرض وحده قد أبان عن محدوديته، وأوصوا بالاهتمام بتدبير الطلب والعرض في آن واحد، مع الأخذ بعين الاعتبار في كل إستراتيجية وبرنامج تنموي أن الجفاف ظاهرة هيكلية، وليست ظاهرة عابرة أو موسمية.
المصدر: وكالات