لا شك أن المرتزقة الذين يمثلون شركة عسكرية خاصة، والذين لا يعرف عددهم على وجه التحديد، وسط تقدير بأنه يبلغ نحو 25 ألف مجند موزعين في مناطق ملتهبة، خصوصا في أفريقيا وأوكرانيا، هؤلاء ليس من السهولة بمكان اختفاؤهم عن المشهد الدولي والإقليمي، لاسيما أنهم يتمتعون بمستوى عال من التدريب والقدرات والإمكانات العسكرية.
ويستبعد محللون سياسيون إمكانية اختفاء «فاغنر»، أو انتهاء دورها على خلفية تصريحات روسية في هذا الشأن، ويرجحون احتمالات استمرارها تحت مسميات مختلفة، مؤكدين أن روسيا ستظل بحاجة إلى هذه القوة خلال المرحلة القادمة.
ومن هنا يمكن أن يمثل غياب بريغوجين، الذي تمرد في شهر يونيو الماضي على الجيش الروسي، مرحلة في تاريخ «فاغنر»، على أن تعقبها مراحل أخرى مختلفة، لا يتوقع المحللون أن تكون بنفس سخونة قيادة بريغوجين لها.
وفي ما يتعلق بعمل المجموعة في أفريقيا، كشفت مجلة «أفريقيا الشابة» أن بريغوجين كان يستعد لزيادة عدد من المرتزقة خصوصا في مالي وأفريقيا الوسطى، ودول أخرى في القارة السمراء.
وبحسب مراقب للشأن الأفريقي، فإنه قد يتم تجميل صورة «فاغنر» في أفريقيا بتغيير مسماها، أو قياداتها، إلا أن المهمات ستبقى واحدة، وهي خدمة التواجد الروسي، خصوصا أن المجموعة العسكرية لها علاقات وارتباطات اقتصادية كبيرة في تلك البقعة من العالم.
أما في ما يتعلق بانعكاسات ما حدث على الحرب في أوكرانيا، فإن عناصر «فاغنر» المتواجدين في بيلاروسيا عقب الصفقة التي أنهت التمرد وتوسطت فيها مينسك باتوا لا يشكلون في الوقت الراهن أي خطر على أوكرانيا، ومن المرجح غيابهم تماما عن المشهد بعدما فقدت القيادة الروسية الثقة فيهم، عقب تفضيلهم المنفى الطوعي بدلا من الانخراط في قوات الجيش الروسي.
إلا أن ثمة من يرون أن الفترة القادمة يمكن أن تشهد أيضا تشكيل مجموعة جديدة تكون بمثابة بديل لفاغنر، فيما يرجح آخرون أن تسيطر وزارة الدفاع الروسية على هذه الشركة العسكرية الخاصة وغيرها من الشركات الأخرى على أن تستمر في أداء مهماتها لكن تحت أعين الوزارة، تجنباً لحدوث انقسامات جديدة كالتي فجرها التمرد الأخير الذي قاده بريغوجين ضد الجيش الروسي.
ولكن يبقى السؤال الذي يمكن أن تكشف إجابته المرحلة القادمة، وهو: كيف سيؤثر غياب قائد «فاغنر» على المجموعة التي مثلت رأس حربة في أوكرانيا، وعلى مسار الحرب المستعرة حاليا؟