أجرى إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري، “مباحثات معمقة” مع مسؤولين إيرانيين في إطار زيارة قادته إلى طهران التقى خلالها بكل من حسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية، ومحمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإيراني، حسب ما أورده المجلس المذكور في بيانين منفصلين.
أوردت المصادر ذاتها أن مباحثات بوغالي مع قاليباف “استعرضت عددا من القضايا الراهنة، إضافة إلى أوجه التعاون بين البلدين”، مُذكرا المسؤول الإيراني بـ”حرص الجزائر على الدفاع عن القضايا العادلة وحشد الدعم لنصرتها كما هو الحال بالنسبة للقضيتين الفلسطينية والصحراوية”، وفق تعبير البيان؛ فيما تناول لقاؤه مع عبد اللهيان “تبادل الخبرات والتجارب البرلمانية بما يعزز المواقف المشتركة من القضايا الإقليمية والدولية بما يتماشى والمبادئ القائمة على الاحترام ومناصرة القضايا العادلة، على رأسها قضية فلسطين وقضية الصحراء”؛ حسب “لغة قصر المرادية”.
اصطفاف وتناقض
محمد عصام العروسي، مدير مركز منظورات للدراسات الجيو-سياسية والاستراتيجية، قال إن “لقاء المسؤولين الجزائريين بنظرائهم الإيرانيين يأتي في إطار تثمين العلاقات ما بين المؤسسات الدستورية في كلا البلدين بالنظر إلى الطبيعية المتقاربة لنظاميهما”، مشيرا إلى أنه “يأتي أيضا في ظرفية حساسة يشتد فيها الاصطفاف الإيديولوجي والمصلحي ما بين المحورين الغربي والشرقي”.
وأضاف العروسي أن “الجزائر، في إطار هذا الاستقطاب، اختارت لنفسها الاصطفاف بجانب محور بيكين-موسكو الذي يضم طهران هي الأخرى، على الرغم من كل محاولاتها إظهار عكس ذلك للمنتظم الدولي”، موضحا أن “إيران تراهن، من خلال تعزيز علاقاتها مع الجزائر في سياق هذه التغيرات الإقليمية والدولية، على اختراق منطقة شمال إفريقيا والساحل جنوب الصحراء من بوابة الجزائر”.
وفي استعراضه لتجليات ومظاهر هذه المحاولات الإيرانية لاختراق المنطقة، أشار المتحدث عينه إلى “الدعم التقني والعسكري الإيراني لجبهة البوليساريو الانفصالية عن طريق حزب الله اللبناني”، الذي كان سببا في قطع الرباط لعلاقاتها الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى “توريد الأسلحة الإيرانية إلى الجزائر في إطار صفقات ثنائية بين البلدين”.
وحول حضور قضية الصحراء المغربية ضمن مباحثات مسؤولي الجزائر وطهران، قال العروسي إن “الدولة الإيرانية تتبع استراتيجية ضبابية في تعاطيها مع قضية الصحراء المغربية؛ ذلك أنها سبق أن عبرت، على لسان وزير خارجيتها، عن رغبتها في تطبيع علاقاته مع المغرب؛ غير أن ذلك يتنافى كليا مع سلوكها السياسي”.
وخلص المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “مناقشة قضية الصحراء المغربية ضمن هذه المباحثات هو استمرارا للتصور الإيراني لهذا النزاع.. وبالتالي، فإن ما عبرت عن طهران من رغبة في التقارب مع الرباط لا يعدو أن يكون استعراضا دبلوماسيا لا أقل ولا أكثر”.
روتين ورهانات
حسن بلوان، خبير في العلاقات الدولية، قال إن “زيارة رئيس المجلس الوطني الشعبي الجزائري إلى إيران هي زيارة روتينية؛ غير أن المثير هو إقحام المسؤول الجزائري لقضية الصحراء المغربية في هذه اللقاءات”، مستبعدا أن “يكون قد تم تناول قضية الصحراء المغربية بالشكل الذي تحاول البروباغندا الجزائرية إظهاره؛ بالنظر إلى انشغال طهران بقضايا إقليمية أكثر أهمية بالنسبة لها”.
وأضاف بلوان أن “إيران لها أولويات معينة؛ أهمها تطبيع العلاقات مع الدول العربية بما فيها المملكة المغربية ولو مؤقتا، إذ اقتنعت طهران بأنها مستهدفة من الغرب.. وبالتالي، فهي تسعى إلى تحييد الجبهة العربية بالدخول في اتفاقات مع المملكة العربية السعودية، وتسعى إلى اتفاقات مماثلة مع دول عربية أخرى على غرار المغرب”.
وسجل المتحدث عينه أن “إيران غير معنية مرحليا على الأقل بخلق أي توتر جديد مع المملكة المغربية، على الرغم من المحاولات الجزائرية المتكررة في هذا الإطار والتي لا يمكن أن تشكل أي تهديد للمصالح الاستراتيجية للرباط علاقة بقضية وحدتها الترابية”.
وخلص الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “التقارب الجزائري الإيراني هو تقارب قديم جديد، وقد سعت الجزائر أكثر ما من مرة إلى مساعدة طهران على اختراق المنطقة المغاربية”، مشددا على أن “إيران، اليوم، تسعى، في ظل السياق الدولي الحالي، إلى تخفيف حدة التوتر مع كل الدول العربية.. وبالتالي، فإن هذا التقارب لن يغير من مجرى الأحداث بالنسبة للمصالح الحيوية للرباط”.
المصدر: وكالات