في ظل “أزمة التنقل”، التي تعرفها الرباط يومي السبت والأحد ليلا، تعرف العاصمة الإدارية للمملكة انتعاشا ملحوظا في “النقل السري” بشكل مستمر؛ وذلك جراء توقف خدمات “الترامواي” في وقت معين، وكذلك الرواج الذي تعرفه حركية “الطاكسيات الكبيرة” الرابطة بين المدن المجاورة كسلا وتمارة والصخيرات. وبما أن العاصمة تشهد توافد الكثير من سكان هذه المدن خلال نهاية الأسبوع، فذلك يخلق حركية مكثفة.
ويعوّل الخطافة على ليالي “الويكاند” لتحصيل عوائد مالية مهمة. وقد عاينت جريدة هسبريس الإلكترونية مرارا وجودهم بالقرب من بعض النقط، كـ”جور إنوي” وكذلك بالقرب من مسرح محمد الخامس، حيث تكون طابورات الركاب طويلة تنتظر قدوم سيارات الأجرة التي تعرف نوعا من الحركية. وأمام هذه الصعوبات في التنقل بأريحية ليلا، لا يجد العديد من المواطنين بُدا من اللجوء إلى “الخطافة”، بوصفه الحل الأخير والذي يعفي من الانتظار.
وفيما يستمر هذا النقل في الانتعاش، خصوصا لكونه “يتخفى” في الشوارع المجاورة ويأتي صاحب السيارة لينسق مع الذين يرغبون في “الهروب” من الطابور، تدعو فعاليات مدنية وحقوقية السلطات الأمنية إلى تشديد المراقبة على “السيارات الخاصة” التي تنقل المواطنين خارج القانون، بشكل يهددهم في أمنهم وسلامتهم، وأحيانا يحط من كرامتهم”، على حد تعبير الفعاليات ذاتها.
وتفاعلا مع الموضوع، لا ينكر عثمان، (27 سنة)، مقيم بسلا، أنه “يلجأ إلى “الخطافة” في بعض الأحيان خلال نهاية الأسبوع للذهاب نحو “القرية”، بمدينة القراصنة؛ لأن البديل يكون منعدما، والواقفون يقعُون إزاء خيارين: إما البقاء وقتا طويلا في انتظار، بشكل مستفز ومزعج، سيارة قد تأتي وقد لا تأتي، أو البحث عن “خطاف” لتخليص الراغبين من عذاب الوقوف”، وزاد: “الخطافة يكونون متوفرين دائما خلال نهاية الأسبوع”.
وأفاد عثمان، وهو يتحدث إلى هسبريس، بأن “هناك من المواطنين من صار يُقبل على “هذه الخدمة” مثل “الطاكسيات”، بحيث حين نذهبُ إلى نقطة تجمع سيارات الأجرة، يأتي أشخاص مباشرة ليسألوا المكلف بتنظيم ترتيب السيارات عن “الخطاف” هل هو موجود أم لا”، موضحا أن “سكان الرباط أو المدن القريبة منها بعضهم لا يتحرج باللجوء إلى “النقل السري”، لكونه يمثل حلا. ورغم عدم قانونيته، فالدولة عليها أن توفر بديلا عنه”.
من جهتها، قالت عائشة (25 سنة)، قاطنة بمدينة تمارة، إن “التفكير في الذهاب مع خطاف كانت فكرة مخيفة في السابق؛ ولكن مرة بحكم أنني رأيت الكثيرين من الطابور ذهبوا معه، جربت”؛ وقالت: “لكني لا أستطيع الذهاب معه إذا لم يكن الآخرون الذين ينتظرون السيارة على استعداد للذهاب أيضا. حينها، سيكون مصيرنا مشتركا ولن أتخوف كثيرا”، مشيرة إلى أن “هناك أزمة حقيقية في التنقل بالعاصمة، وهي التي تتيح للخطافة إيجاد مساحة للتحرك، حتى أن منهم من صار معروفا”.
وطالبت عائشة “بضرورة تقنين “النقل عبر التطبيقات”، لكي يكون تنافسيا، ولكي نستطيع الركوب معه بلا أي توجس أو خوف”، مضيفة أن “النقل بين الرباط وما يجاورها يعرف فوضى حقيقية، بحكم أن في بعض النقاط لا يتم احترام حتى الطابور؛ وبالتالي يصبح التدافع والتزاحم بين الركاب فقط لكي يستطيع أي منهم الذهاب لسبيله، ولو بدون وجه حق”. وختمت: هذا يطرح أيضا مشكلة وعي حقيقية، ولا أخفي أنني ألجأ مكرهة، ولو نادرا، إلى الخطافة، أمام انعدام البديل”.
وتعليقا على الموضوع، قال أحمد بيوض، الرئيس التأسيس لجمعية مع المستهلك، إن “”النقل السري” الذي تعرفه الرباط ومدن أخرى كثيرة يشكل معضلة حقيقية في قطاع النقل بالمغرب، ويسائل السياسات العمومية المعمول بها في بلدنا في هذا الإطار”، مبرزا أن “فاجعة دمنات يجب أن تذكرنا بأن مشكلة النقل بنيوية ببلدنا، وبما أن الأخبار التي تروج تقول إن العربة التي انقلبت تنتمي إلى “النقل السري”، فسنتأسف على حقوق الضحايا”.
ومضى بيوض شارحا: نحن كمدنيين في حماية المستهلك، نتفهم أن يلجأ المواطنون إلى النقل السري، خصوصا ليلا، لكونهم يفكرون في الوجهة أكثر من تفكيرهم في الوسيلة والمشاكل القانونية واللوجيستية التي تطرحها”، مضيفا أنه “في حال تم ضبط المركبة باعتبارها تحمل مخدرات أو مبحوثا عنها أو تشتغل في التهريب، فسيتعرض كل من هم عليها للمساءلة القانونية، لكون وسائل النقل المنصوص عليها في القانون واضحة، ولو أنها غير كافية وتعاني من اختلالات كبيرة”.
وأكد الرئيس المؤسس لجمعية مع المستهلك، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “الحافلات العمومية تتوقف في وقت معين وكذلك عربات “الترامواي”، وسيارات الأجرة الصغيرة لا تربط بين المدن، والكبيرة منها يكون عليها ضغط، وهو ما يقزم من عرض النقل المتوفر في العديد من المدن ليلا، ومن أبرزها الرباط”، لافتا إلى أن “الجهات المختصة يجب أن تفكر في توفير نقل يحفظ كرامة المواطنين ولا يضعهم بين أيدي الخطافة؛ لأنه حين تتوفر بدائل فلا أحد سيذهب إلى النقل السري”.
المصدر: وكالات