حوّل الإنترنت العالم إلى قرية صغيرة، بينما موجات «الواي فاي»، حولت القرية إلى غرفة صغيرة، يمكن من خلالها التواصل مع أي شخص حول العالم، ورؤية كل ما يحدث في أي مكان على كوكب الأرض، فقط بالنظر إلى شاشة صغيرة أمامك، فغيرت أجهزة الواي فاي حياتنا، وأشعلت ثورة تكنولوجية كبرى، كان نقطة انطلاقها بواسطة عقل مصري، صنع أول جهاز واي فاي في العالم عام 1992، وهو العالِم المصري الدكتور حاتم زغلول.
الدكتور حاتم زغلول الذي تخرج في كلية في كلية الهندسة قسم الاتصالات جامعة القاهرة، وحصل على الماجستير في الفيزياء من كندا، وساهم في اختراع جهاز الواي فاي، يتحدث لـ«الوطن»، عن تفاصيل الاختراع والمجهودات التي بذلت، لإنتاج التكنولوجيا التي غيرت من شكل العالم، والمدة التي استغرقها والصعوبات التي واجهته.
من تكنولوجيا الجيل الأول.. إلى الواي فاي
كان «زغلول» يعمل في إحدى شركات الاتصالات بكندا، حينها، كانت الشركة والعالم كله يعمل بتكنولوجيا الجيل الأول فقط، فطُلب منه دراسة التكنولوجيات المقترحة للجيل الثاني من الاتصالات، واختيار واحدة تستعملها الشركة: «كانوا عاوزين يبقوا أول شركة تطلع وتعلن عن الجيل الثاني، بس وقتها ماكنتش خبير في الاتصالات، لأني بعدت عنها بعد ما درست رياضيات وفيزياء».
الاستعانة بصديق.. وبدء دراسة التكنولوجيات
استعان العالم بصديقه الدكتور ميشيل فتوش، وكان زميله أثناء دراسته بجامعة القاهرة، وقررا سويًا دراسة التكنولوجيات المقترحة، واختارا الـGSM، والتي تم تنفيذها بالفعل: «قدمت تقريرًا للشركة وبلغتهم إن كل التكنولوجيات دي غير صالحة، لأن أقصى سرعة هتوصل لها هي 256 ألف معلومة في الثانية، وده مكنش هيسمح بتشغيل فيديو كويس، لأن وقتها كان عندي اعتقاد قوي إن الفيديو هيسطير على العالم كله، فقالوا لي هاتلنا تكنولوجيا تانية».
40 دقيقة لرسم شكل الواي فاي
بدأ «زغلول»، وصديقه «ميشيل» العمل على تكنولوجيا جديدة، وهي «OFDM»، ومعناها تعدد الإرسال المتعامد بتقسيم التردد، وكتبا اختراعهما معتمدًا على هذه التكنولوجيا وقاما بتسليمه إلى الشركة: «رسم شكل اختراع الواي فاي أخد حوالي حاجة وأربعين دقيقة في الصورة العامة، لكن علشان نكتبه ونسجله، أخدنا وقت تقريبًا 10 شهور».
تواصل الاثنان مع أكبر شركات الاتصالات في العالم لنشر «الواي فاي»، فلم تقتنع العديد من الشركات به، وشعرا باليأس، فكانت نصيحة رجل أعمال كندي بإنشاء شركة وبناء نموذج لاختراعهما الجديد، وسيساعدهما بشكل كبير في جذب انتباه الشركات العالمية: «عملنا بالنصيحة وبدأنا الشركة في أوائل عام 1993».
من واي فاي بحجم سيارة ربع نصف نقل.. إلى حجم كف اليد
أول جهاز واي فاي صنعه «زغلول»، وصديقه، كان عبارة عن جهاز بحجم سيارة نصف نقل، كان موجودًا في إحدى المعامل، ثم تم تحويله إلى صندوق صغير أواخر عام 1993، وعام 2000، أصبح الجهاز أصغر ويمكن حمله بسهولة، واصفًا الجهد المبذول لصناعة جهاز الواي فاي، بـ«الجبار»: «أول سنة عمل كان معانا 5 مهندسين، ثم 7، وبعدين 11، وأنتجنا سويًا أول منتج للواي فاي ونجحت التجربة، لكن كمنتج كبير وجهاز رسمي بيقدر الشخص يستخدمه على الموبايل واللاب توب، مظهرش إلا بعد 10 سنين، يعني بعد عام 2002».
أثناء العمل على الواي فاي، لم يكن هناك سوى 27 مليون مستخدم للإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، ففكر «زغلول»، وصديقه، في طريقة لنشر الإنترنت: «كنا بنفكر إيه التطبيق اللي هيخلي الإنترنت ينتشر بصورة عامة، ماكناش عارفين إن اللي إحنا بنعملوا هيخلي الإنترنت ينتشر، وأصبح حق من حقوق البشر».
حل مشاكل الواي فاي.. اختراع يعمل عليه العالِم المصري
ويعمل العالِم المصري على حل مشاكل الواي فاي في النظام الحالي، وتتعلق بالمسافة، حيث تضعف سرعة الإنترنت عند الابتعاد عن الروتر لمسافة 100 متر تقريبًا، والاختراع الجديد، هو نظام واي فاي يقوم بنقل الإرسال لروتر آخر يعطي إرسالًا أقوى، وأيضًا نظام جديد اسمه الواي فاي المتشابك: «الواي فاي المتشابك معناه إن في روترين في جهاز واحد، الأول بيتواصل مع روتر يعمل على توزيع الإنترنت، والثاني بيتواصل مع الهاتف لتوزيع الإنترنت، وبالتالي ممكن نغطي منطقة تصل إلى 100 كيلومتر مربع، بجهاز لاسلكي 100% لا يحتاج إلا للكهرباء».