انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشاهد مصورة يبثها مواطن مقدسي، على مدى أيام متتالية، تُظهر حصار قوات الاحتلال منزله في ساعات الفجر الأولى، لتطالبه في أحد المشاهد بالتأكد من وجود طفله داخل المنزل، ومن ثم يطلب أحد الجنود بطاقة هوية الطفل الذي لا يمتلكها، نظراً لعدم بلوغه السن القانونية للحصول عليها.
وفي مشهد آخر وبينما يحاصر الجنود بأسلحتهم باب منزل العائلة المقدسية، ومحيطه من كل الجهات، يقف الطفل مذعوراً من هول المشهد الذي يحيط به، ليخاطب الوالد الجنود متسائلاً: «في مثل هذه الساعة أين سيوجد طفل في هذا العمر؟». ويواصل الوالد حديثه في المشاهد المصورة منفعلاً: «عندما تقتحمون منزلي الساعة الثالثة فجراً، طفلي يشعر بالرعب من هذه المشاهد»، ليخاطبه أحد الجنود باستهزاء: «سنحضر غداً في الرابعة فجراً». هذه المشاهد تكرر انتشارها على منصات التواصل للوالد ذاته، فيما تختلف شخصيات الجنود بين مشهد يومي وآخر، في دلالة على تكرار تردد قوات الاحتلال على المنزل نفسه دون انقطاع، ولكن ما حكاية ذلك تفصيلاً؟.
ذعر لا ينقطع
شقّت «الإمارات اليوم» الطريق تجاه حي باب حطة بجوار المسجد الأقصى المبارك، حيث منزل الطفل أيهم الباسطي (13 عاماً) الذي يخضع لعقوبة الحبس المنزلي منذ مايو الماضي، بقرار من محكمة الاحتلال، بحسب والده فوزي الباسطي.
ويقول الباسطي: «من ضمن إجراءاتهم التعسفية ضد طفلي وعائلتي، أن يداهم جنود الاحتلال منزلنا في تمام الثالثة فجراً كل يوم، لتنهال بنادقهم قرعاً على باب المنزل لإيقاظنا مذعورين بحجة التحقق من وجود أيهم داخل البيت».
ويضيف: «على مدار ساعات اليوم منذ صدور قرار الحبس المنزلي بحق طفلي، يتكرر هذا المشهد وتحديداً في منتصف الليل، وفي وقت متأخر من ساعات الفجر الأولى، وهذا يقض مضاجعنا طوال الليل، فيما يعيش أيهم وأطفالي حالة ذعر حادة حتى بعد مغادرة الجنود المنزل».
ويبين والد الطفل أيهم أن هذه الممارسات القاسية تكشف فظاعة الاعتقال المنزلي بحق طفله، لما لها من آثار نفسية حادة تسيطر عليه طوال ساعات اليوم، وأشدها عندما يستيقظ أيهم على أصوات بنادق جنود الاحتلال، ويشاهدهم بأسلحتهم داخل المنزل بعد اقتحامه.
الحرمان من الدراسة
ويشير الباسطي إلى أن عقوبة الحبس المنزلي ألقت بظلالها على مسيرة طفله الدراسية، إذ حرم أيهم حقه في تلقي الدراسة داخل مدرسته، وقضاء الإجازة الصيفية كباقي الأطفال، كما حُرم من قضاء أنشطة حياته اليومية بحرية مطلقة.
ويشارك أيهم والده الحديث فيقول: «قبل الامتحانات النهائية للفصل الدراسي الماضي منعت من التوجه إلى المدرسة استعداداً لتلك الاختبارات التي أُجبرت على خوضها عن بعد من داخل المنزل، عبر تقنية برنامج (زووم) من خلال الهاتف النقال».
ويسترسل الطفل: «بعد الامتحانات حُرمت من فرحة الحصول على شهادة الفصل الدراسي، منعت من الخروج خلال أيام عيد الأضحى المبارك، فجميع الأطفال شعروا بفرحة أيامه، إلا أنا أقضّيه سجيناً خلف جدران منزلي».
اعتقال وتحقيق وتعذيب
وبالعودة إلى فترة اعتقال طفله أيهم وتحويله إلى الحبس المنزلي، يقول والده «إنه في اليوم الأول من مايو الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال منزلي فجراً، وبعد تفتيش البيت وتحطيم أثاثه، اقتادوا طفلي مكبلاً بالأصفاد إلى مركز الاعتقال والتحقيق».
ويضيف: «على مدار ثمانية أيام متواصلة خضع طفلي أيهم للتحقيق لساعات طويلة، تعرض خلالها للتعذيب النفسي والجسدي».
وفي الثامن من مايو الماضي، فرضت محكمة الاحتلال على الطفل أيهم عقوبة الحبس المنزلي، بعد اتهامه بإطلاق مفرقعات نارية على أحد المستوطنين في مدينة القدس الشريف، ومنعته من الخروج من بيت أسرته إلا بعد إذن من المحكمة، الأمر الذي وضع العائلة في حالة من المعاناة المتواصلة والمضاعفة.
كما فرضت محكمة الاحتلال غرامة مالية بحق الطفل الباسطي، قدرها 25 ألف شيكل (7000 دولار أميركي)، في حال لم يلتزم أيهم بشروط الاعتقال المنزلي.
ويقول والد الطفل أيهم: «منذ الثامن من مايو الماضي يخضع ابني الصغير لعقوبة الاعتقال المنزلي، فيما حددت المحكمة في سبتمبر وديسمبر المقبلين جلستي محاكمة لأيهم، يعرض خلالهما أمام قضاة الاحتلال للبت في قضية اعتقاله».
ويؤكد الباسطي أن الاحتلال يتعمد إطالة فترة الاعتقال المنزلي المفروضة على طفله، وكذلك تأخير موعد جلسات محاكمته، منوهاً بأن ذلك يأتي في سبيل انتظار بلوغ أيهم سن الـ14 عاماً، ليحاكم وينقل لقضاء مدة محكوميته خلف قضبان سجون الاحتلال داخل قسم القاصرين.
ويلفت إلى أن اعتقال طفله، والإجراءات التعسفية المفروضة بحقه، تكشف ضراوة الممارسات الإسرائيلية بحق أطفال المدينة المقدسة، وحجم المأساة التي يواجهها الصغار، دون أدنى شفقة أو رحمة، مضيفاً «أن أطفال القدس يتعرضون يومياً للملاحقة والاعتقال من قوات الاحتلال في انتهاك صارخ لأعمارهم البريئة، وتجاوز خطر لقوانين حقوق الطفل الدولية».
■ يشير فوزي الباسطي إلى أن عقوبة الحبس المنزلي ألقت بظلالها على مسيرة طفله الدراسية، إذ حرم أيهم حقه في تلقي الدراسة داخل مدرسته، وقضاء الإجازة الصيفية كباقي الأطفال، كما حُرم من قضاء أنشطة حياته اليومية بحرية مطلقة.
■ في مشهد آخر وبينما يحاصر الجنود بأسلحتهم باب منزل العائلة المقدسية، ومحيطه من كل الجهات، يقف الطفل مذعوراً من هول المشهد الذي يحيط به، ليخاطب الوالد الجنود متسائلاً: «في مثل هذه الساعة أين سيوجد طفل في هذا العمر».