عبّرت فعاليات جمعويّة مجدداً عن أنّ “القنص العشوائي والجائر مازال متواصلاً بشكل يتهدد الكثير من الطيور المحمية والمهددة بالانقراض، من بينها طائر الحسون”؛ معتبرة أنّ “المداخل الممكنة للحدّ من الظاهرة هي الزجر، موازاة مع التحسيس والتوعية، على اعتبار أنّ قتل الطّيور خارج القرارات الرسمية المُنظمة للعملية يعدّ انتهاكاً خطيراً للتوازنات البيئية”.
وأفادت الجهات المستنكرة بأنّ “القنص يرتفع في الصيف بالمناطق التي تشهد ثغرات في المراقبة”؛ وبأن “الذي يُمارس القنص الجائر يعرف جيداً كيف ينتقي الأماكن”، وزادت: “ضعف التأهيل المدني للمواطنين في عمليات التبليغ عن هذه الانتهاكات لم يمكّن بعد من التعاطي معه كفعل مواطناتي خالص يروم الحفاظ على التنوع البيولوجي وعلى البيئة السليمة، باعتبارها حقا من حقوق الإنسان”.
رحيمو الحمومي، رئيسة مجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب، قالت إنّ “الفترة الصيفية قانونيا محددة لقنص الحمام واليمام بدءاً من 15 يوليوز إلى 4 شتنبر، حسب قرار وزارة الفلاحة الخاص بالقنص في موسم 2022-2023″، وزادت موضحة: “كالعادة، هناك من يحترم القرار، لكن هناك قنصا غير قانوني، نسميه القنص الجائر والعشوائي، الذي لا يحترم الفترات ويستمرّ في الإجهاز على الطّيور بدون الأخذ بعين الاعتبار عواقبه الوخيمة”.
وشدّدت الحمومي، ضمن تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أنّ “طائر الحسون مثلاً مهدد طيلة السنة، لكون قنصه مازال يتم بطرق غير عقلانية رغم أنّه طائر محمي لكونه مهدّدا بالانقراض في المغرب”، مؤكدةً أنّ “هذا القنص رغم كل التحذيرات مازال يهدد التوازنات البيئية ويمعن في نسف التنوع البيولوجي بالمغرب، لكونه عشوائيا، ويؤثّر بشكل مباشر على النوع المستهدف؛ فأي مجموعة من الطيور يجب أن تتوفر لها أعداد محددة لكي تستمر في الوجود”.
من ثمّ، قالت المتحدثة ذاتها إنه “كلما تأثر هذا العدد بفعل القنص الجائر فهو مهدد بفقدان القدرة على التزاوج والتّكاثر والاستمرار والتأقلم مع التغيرات التي يعرفها العالم، لهذا تصبح العديد من الأنواع مهددة بالانقراض”، مردفة بأنّ “هناك جهودا تبذل، لكن المراقبة الحالية تحتاج إلى تكثيف، خصوصا لأن بعض عمليات قنص الطيور لا تحترم مثلاً فترات التوالد، ولهذا تم تحديد 15 يوليوز، كقرار مبني على معطيات وأبحاث”.
كما أفادت رئيسة مجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب بأنّ “عمليات تنقيب الطيور على الغذاء تشهد بدورها بواراً؛ فحين يسمع الطائر صوت الرّصاص فهو يدرك أن الأخطار محدقة، ويضطرّ لمغادرة أماكن توفر الغذاء”، مضيفة أنّه “حتى بعض المواطنين الذين يصادفون عمليات صيد عشوائية لا يستطيعون التبليغ عن هذه الانتهاكات، لكون هذا الفعل مازال ينظرُ له العديد من المواطنين كعمل ينتمي إلى التخابر مع السلطة”.
من جانبها، أكدت حليمة بوصديق، رئيسة الجمعية المغربية لمصوري الحياة البرية، أنه “رغم وجود قرار الوكالة الوطنية للمياه والغابات المنظم للصيد، الذي يعتبر بمثابة قانون للقنص بالمغرب، فهناك تجاوزات كثيرة تقوم بها بعض وكالات الأسفار وبعض القناصين المغاربة المستهترين بالبيئة والصيادين الأجانب، خصوصا من بعض الخليجيين، الذين تستهويهم فكرة صيد الأنواع المهاجرة والمستقرة، كالحبارى والصقور والغزال والأروي، دون أدنى التزام بأخلاقيات الصيد”.
وحسب ما أفادت به بوصديق، في تصريح لجريدة هسبريس، فإن “القنص والصيد يعتبران من الرياضات والهوايات الممتعة لممارسيها في مختلف دول العالم، ويمكن أن يلعبا أدوارا مهمة في الحد من اكتظاظ بعض الأنواع في مناطق معينة والسيطرة على أعدادها، كالخنازير البرية، وبعض أنواع البطيات؛ كما يمكن أن يساهما في التنمية الاقتصادية من خلال العائدات وخلق فرص العمل، لكن الخروقات المتواصلة أدت إلى تناقص مهول في أعداد بعض الأنواع، ما سيؤول لا محالة إلى خلل في المنظومات البيئيّة”.
وذكرت المتحدثة ذاتها أنّ “الجمعية المغربية لمصوري الحياة البرية سبق أن نبّهت في عدة مناسبات إلى خطر هذه الممارسات اللامسوؤلة التي تزيد من الضغط على مكونات البيئة، في وقت تعاني أوساطنا الطبيعية من الجفاف الناتج عن قلة التساقطات والتدبير غير المعقلن للموارد المائية”، مشيرة إلى أنّ “القطاعات الحكومية وغير الحكومية موضوعة أمام مسؤولية جسيمة تتمثل في الحفاظ على ما تبقى من ثروتنا الحيوانية، لوقف التجاوزات الجائرة التي لا تحترم القانون”.
كما قالت الفاعلة البيئية إنّ “الوضع يحتاج إلى تعزيز الترسانة القانونية والضرب على أيادي المستهترين بثروتنا الطبيعية، وتحيين قائمة أنواع الطيور المسموح بصيدها، وكذا أعدادها وأماكن تواجدها حسب المعطيات الإحصائية الجديدة”، لافتة إلى “قانون أصدرته فرنسا يحظر صيد يمام الغاب لمدة ثلاث سنوات متتالية”. وتتقاطع بوصديق مع الحمومي في أنه “لابد من تشديد مراقبة أماكن الصيد خلال الصيف ومواسم الصيد وخارجها”.
وتواصلت جريدة هسبريس مع الوكالة الوطنيّة للمياه والغابات، لتشخيص الظاهرة من الناحية الرسمية. وقالت الوكالة إنّ “المعطيات عن موسم القنص الحالي ستكون متوفّرة في نهايته مع بداية شهر شتنبر، إذ سيتمّ الإعلان عن أهم المعطيات المتعلقة بالموسم السابق، وأيضا سيتمّ الإفراج عن الخطة المقبلة المتعلقة بموسم القنص اللاحق لسنتي 2023-2024، فيما ستكون هناك حملات تحسيسية متواصلة على الصعيد الوطني، تجهيزاً للموسم”.
المصدر: وكالات