تبدو الأوضاع في منطقة الساحل على “فوهة مواجهة مسلحة جديدة” في ظل انتهاء مهلة مجموعة “إكواس” التي حددتها للانقلابيين في النيجر، الأمر الذي سيصعد من المخاوف العالمية من تنامي نشاطات الجماعات الإرهابية.
وفي ظل هذا الصمت الذي يسبق العاصفة، تترقب الدول المجاورة للمنطقة سيرورة الأوضاع في النيجر، في مقدمتها المغرب، وما إن كانت “إكواس” ستقدم على عملية عسكرية أم لا، وهو الاحتمال الذي من شأنه أن “يعرقل الجهود العالمية التي تنخرط فيها المملكة لمجابهة التنظيمات الإرهابية بالمنطقة”.
وعلى منطقة الساحل تنتشر العديد من الجماعات الإرهابية التي ترى في انقلاب النيجر فرصة للتقدم إلى الشمال أكثر، أبرزها “تنظيم القاعدة”، و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، التي تتمركز بالأساس بين النيجر وبوركينافاسو. وفي حالة وقوع اشتباك عسكري بين دول مجموعة “إكواس” والانقلابين في النيجر، من المرتقب أن “يتصاعد نشاط هاته التنظيمات”.
ويحتضن المغرب مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب بإفريقيا، وذلك باعتباره فاعلا إقليميا في محاربة الإرهاب، وكذا لكونه رائدا في مواجهة التنظيمات الإرهابية، غير أن أحداث النيجر من المرتقب أن “ترفع من مستوى التحديات الإرهابية أمام الرباط”.
استعداد أمني في الصحراء المغربية
عبد الرحمان مكاوي، محلل أمني، يرى أن “الوضع الحالي في النيجر ستستغله بعض الجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل للزيادة من محاولاتها لضرب استقرار الدول المجاورة”.
وقال مكاوي لهسبريس إن “العديد من الجماعات الإرهابية أعلنت عبر مواقعها للتواصل الاجتماعي عن استعدادها للتدخل العسكري ضد كل من يساعد القوات الأجنبية، وهذا أمر خطير ينذر بمستقبل غامض للمنطقة”.
واعتبر المحلل الأمني عينه أن “محاولة هاته الجماعات التدخل عسكريا، أمر ليس في صالحها، ذلك أن مواجهة الجيوش المنظمة أمر سلبي تماما بالنسبة إليها”.
وأضاف أن “المغرب يضع مقاربته الاستباقية لمواجهة مثل هاته التهديدات الأمنية، سواء عبر مضاعفة الرقابة الأمنية والعسكرية بالأقاليم الجنوبية، أو من خلال استثمار قدراته الاستخباراتية في مواجهة التنظيمات والخلايا الإرهابية”.
وخلص مكاوي إلى أن “ما يزيد من تعقد الوضع في المنطقة هو أن قبيلة الهاوسا التي تمثل تعدادا سكانيا كبيرا بالنيجر وتنتمي إليها نسبة من تنظيم بوكو حرام الإرهابي، تصعد هي الأخرى عسكريا، وترفض المحاولة الانقلابية وكذا أي تدخل عسكري أجنبي”.
قادرون على المواجهة
سجل محمد أكضيض، خبير أمني، أن “هذا الانقلاب أعاد شهية التنظيمات الإرهابية لتحقيق حلمها بالسيطرة الكلية، وذلك يتزامن مع تساؤلات حول مدى قوة الدول المجاورة للنيجر في التصدي لهاته التهديدات، كبوركينافاسو وليبيا وموريتانيا”.
وأضاف أكضيض، في تصريح لهسبريس، أن “بؤرة الإرهاب في العالم أصبحت هي منطقة الساحل، وهذا الأمر يهدد المملكة المغربية بشكل كبير، لأن توتر الأوضاع الأمنية في حالة وقوع نزاع مسلح بين إكواس والانقلابيين في النيجر، سيسهل مرور الجماعات الإرهابية وتسللها إلى الدول الأخرى”.
وبحسب المتحدث ذاته، فـ”الجميع كان شاهدا على تأثير الجماعات المسلحة بالساحل على الأمن القومي المغربي، إذ نجحت السلطات المغربية في القبض على خلايا متشعبة مرتبطة بهذه الجماعات الخطيرة”.
ولفت الخبير الأمني إلى أن “المملكة على استعداد كامل لمجابهة هاته التهديدات، بحكم الخبرة القوية التي تمتلكها في هذا الميدان والتي مكنتها من أن تصبح نموذجا عالميا”.
وشدد أكضيض على أن “المكتب المركزي للأبحاث القضائية كان صمام الأمان لعقود، ونجح في التصدي لتهديدات خيالية كانت تحوم حول المواطنين المغاربة”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “غياب التعاون الأمني مع دول مجاورة كالجزائر، أمر يعقد التصدي لهاته التهديدات الأمنية كان المغرب قد نبه إليه في أوقات عديدة”، مؤكدا في الوقت عينه أن “الأعين الاستخباراتية المغربية قادرة على صد أي تهديد محتمل”.
المصدر: وكالات