عدّ الكثير من الخبراء في الشأن الرياضي تأهل المنتخب المغربي النسوي لكرة القدم إلى دور ثمن نهائيات كأس العالم للعبة ذاتها المقامة حاليا بكل من أستراليا ونيوزيلاندا تكريسا “للنهضة الكروية” التي يعيش زخمها المغاربة منذ فعاليات كأس العالم بقطر أواخر العام الماضي، بعد تأهل “أسود الأطلس” إلى المربع الذهبي؛ وهي الحكاية ذاتها التي تُكتب من جديد مع “لبوءات الأطلس” اللائي سجلن فوزا تاريخيا على حساب كولومبيا بهدف لصفر، وقبله على حساب كوريا الجنوبية.
وهكذا، ستستعد لاعبات المنتخب المغربي لمقابلة المنتخب الفرنسي في دور ثمن النهاية الثلاثاء المقبل؛ ولكن بلوغ منتخب السيدات إلى هذه المرحلة لا يزال ينظر إليه البعض باحتراس يُعرض اللاعبات للتنمر.. ومن ناحية أخرى، يعده البعض الآخر تتويجا لكافة الاستثمارات في الرأسمال البشري الرياضي وفي المواهب ومحاولة دفعها نحو الاحتراف، ضمن شغف وطني كبير بكرة القدم”.
نهضة كروية؟
عزيز بلبودالي، الخبير في الشأن الرياضي، اعتبر أن “انتصار “لبوءات الأطلس” اليوم الخميس هو حلقة ضمن حلقات النبوغ الكروي المغربي الذي ما فتئ يعكس جدية كبيرة تحاكي اللعب بالروح الوطنية قبل البحث عن الانتصار الكروي”، موضحا أن “هذا الانتصار يعكس نهضة كروية ناشئة وقادمة بقوة وضع أسسها “أسود الأطلس” في مونديال قطر2022، وتستمر في تشييد بنائها “لبوءات الأطلس” بكل حرفية كروية”.
وأضاف بلبودالي، ضمن إفادات قدمها لجريدة هسبريس، أن “الكرة المغربية صارت تتجه نحو أن تصبح أكثر تنظيما وتنافسية على المستوى القاري وحتى الدولي”، مشيرا إلى أن “الإرادة متوفرة لدى كل الفاعلين في الشأن الرياضي وحتى السياسي على أعلى المستويات، ونحن نتذكر كيف عشنا جميعا فعاليات مونديال قطر بكل ذلك الجنون الكروي، الذي كان توقيعه مغربيا خالصا، وكيف شعرنا بأن كل شيء قريب تحت مظلة: المستحيل ليس مغربيا”.
وذكر المتحدث أن “هذه النهضة الكروية واعدة وتتضح معالمها قليلا بقليل، مع الأمل أن تشمل بطولاتنا الاحترافية الوطنية الأولى والثانية وبطولة الهواة، لكي ننتقل إلى المستوى المشرف الذي يكشفُ عنه مغاربتنا على المستوى الدولي”، مؤكدا أن “هذا التفوق الكروي على المستويين الإفريقي والعربي لم يعد قابلا للنقاش، لكوننا صرنا نسير نحو حصد تموقع مشرف على المستوى العالمي، وهذا يشمل الإناث والذكور معا”.
وضمن خلاصة حديثه، عبر الخبير في الشأن الرياضي عن تفاؤله بخصوص أسود ولبوءات الأطلس”، معتبرا “أننا نعيش ومرحلة زاهية في تاريخ كرة القدم المغربية والإقليمية”، مضيفا: “لا نقوم سوى بجني ثمار ما حصدناه طيلة سنوات، والاشتغال الجاد والعمل الجدي لا يذهبان سدى؛ بل بفضلهما أصبحنا نرى المهارات والتقنيات والجاهزية العالية لمنتخباتنا الذكوري والنسوي.. وكما تمنينا أن تكون كأس العالم في قطر مغربية، فإننا نتمنى الأمر ذاته مع لبوءات الأطلس”.
الوطن كُرويا
من جانبه، قال مصطفى الهرهار، وهو مدرب سابق في قسم الهواة وخبير في الشأن الرياضي، إن “هذه الصحوة الكروية تأتي في ظل فهم صانع القرار الرياضي أهمية كرة القدم في خدمة قضايا الوطن وتسويقه”، مشيرا إلى أن “هذه النتيجة التاريخية التي حصدها منتخب السيدات تأتي بعد عمل دؤوب استمر لثلاث سنوات من الاستعداد والتداريب، عبر الاستفادة من الاحتراف الخارجي ومن الخبرة الكروية الأجنبية وعكسها في الأداء المغربي”.
وأكد الهرهار، ضمن تصريح خص به جريدة هسبريس، أن “توجه المغرب لخلق كرة قدم بمعايير عالمية بدأ مع محاولات ضمان استقلالية الكرة النسوية عبر خلق عصبة احترافية نسوية، ستساهم لاحقا في البحث عن خصوصيات المرأة في عالم الكرة؛ وهو ما انعكس حتى على مستوى خطة اللعب، بحيث نلاحظ تطورا وفهما أعمق للعبة وسبل كسب مبارياتها”، موضحا أن “خط الوسط في المباريات الأخيرة التي خاضها المنتخب النسوي مكن من ضبط توازنات الملعب”.
وذكر المتحدث بأن “كرة القدم المغربية بشكل عام توفرت لها إمكانيات مهمة ماديا ومعنويا؛ وهو ما حفز بأن تستفيق الروح الوطنية لدى اللاعبين أكثر.. ولا شك في أن هناك وعيا لدى منتخب السيدات بأن الشعور الذي خلقه “أسود الأطلس” قابل للاستئناف في هذه الفعاليات الحالية”، معتبرا أن “انهزام اللبوءات أمام ألمانيا جعل لاعبات المنتخب المغربي والمدرب يستفيقون لتصحيح المسار، ومحاولة خلق شعور جديد وأفق جديد للمباريات اللاحقة”.
وختم الخبير في الشأن الرياضي قائلا: “كرة القدم صارت تعد اليوم قطاعا حيويا واستراتيجيا، وهي لم تعد للفرجة بل وسيلة لتسويق البلدان وقيمها ونجاحاتها. لذلك، ستحتاج هذه النهضة إلى رؤية شمولية، تجعل منها أصلا غير قابل للتفاوض مع الواقع مستقبلا”، مردفا أن “المغاربة سعداء جميعا بهذه الإنجازات التي ستساهم في أن تكون المكتسبات ممتدة إلى قطاعات أخرى كثيرة؛ وليس فقط لكرة القدم المغربية”.
المصدر: وكالات