شهدت أروقة المحاكم، أخيراً، نزاعات قضائية بين مطلقين، حول زيادة النفقة ومصاريف المدارس وحضانة الأبناء والرؤية وغيرها، فيما يصف مختصون أسريون وقانونيون بعضها بـ«الكيدي»، بهدف الانتقام من الطرف الآخر، دون حساب آثارها النفسية والاجتماعية على الأبناء، ومن ذلك النزاعات الأسرية حول نوع ومستوى التعليم المناسب الأبناء.
وبينت حيثيات بعض القضايا أن بعض المطلقات الحاضنات يخترن مدارس خاصة وأجنبية، ذات مصارف دراسية عالية، لإلحاق أبنائهم بها، الأمر الذي يقابل بالاعتراض من جانب الآباء، إذ يرون أنه يمكن أن يحصل الأبناء على تعليم جيد في المدارس الحكومية أو مدارس خاصة ذات مصاريف تناسب إمكاناتهم المالية.
ووردت استفسارات من قراء، لـ«الإمارات اليوم» حول من له الحق في اختيار مدرسة الأبناء، سواء كانت مدارس حكومية أو خاصة، وعلى النحو الذي يراه محققاً صلاح المحضون، لاسيما أن هذا الأمر يكون محط خلاف وعدم تفاهم بين آباء وأمهات متزوجين أو مطلقين.
وأكد المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف أن «الولاية التعليمية تكون للأب بغض النظر عما إذا كانت حضانة الأبناء مع الأم أم غيرها، ولذلك يكون اختيار المدارس من قبل الأب على حسب قدرته المالية، ولكن دون تعسف في ذلك».
وأضاف أنه «إذا كانت المدرسة بعيدة عن سكن الأبناء، يكون الأب ملزماً بتوفير وسيلة المواصلات لانتقالهم منها وإليها، وللتدليل على تعمد الأم الإضرار بالأب في هذا الشأن يمكن للأب تقديم عروض لرسوم مدارس تتناسب مع قدرته المالية، وفي هذه الحالات يستجيب قاضي التنفيذ».
وشدد الشريف على حرص المشرع الإماراتي والجهات المعنية في الدولة على حماية الأبناء سواء في حالة استمرار العلاقة الزوجية أو بعد وقوع الطلاق، وكذا تشديد العقوبات على كل ما ينال من حقوق الأبناء وسلامتهم الجسدية والنفسية.
وأكدت المحكمة الاتحادية العليا في حيثيات بعض القضايا أن تعليم الأولاد وإن كان يدخل في عموم النفقة التي يلزم بها الأب تجاه ولده، إلا أن المقرر أن دراسة الولد من اختصاص ولي النفس وشأن من شؤونه باعتباره القائم على رعايته وحفظ ولده، ومنها اختيار نوع الدراسة والمدرسة التي يلحق بها، ولا يجوز للحاضنة اختيار مدرسة بعينها أو مدرسة خاصة دون موافقته الصريحة.
وفي واقعة شهدتها محاكم الدولة، أدين شخص بإهمال ابنته إذ لم يستخرج الأوراق الثبوتية اللازمة لها، ما أدى إلى عدم التحاقها بالمؤسسات التعليمية، كما امتنع عن الإنفاق عليها نهائياً.
وفي قضية ثانية، رفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن مطلقة ضد حكم رفض إلزام مطلقها بسداد الرسوم الدراسية لابنهما في مدرسة خاصة بقيمة 74 ألف درهم، مبينة أنه إذا رفض الأب إلحاق ولده بمدرسة خاصة، فإنه لا يلزم بسداد الرسوم التي سددتها مطلقته طالما أن إمكانية تعليمه في المدارس الحكومية دون رسوم قائمة.
وفي قضية ثالثة، نقضت المحكمة حكماً قضى بزيادة نفقة مطلقة ومصروفات مدارس خاصة لأطفال المحضونتين، مؤكدة حق ولي النفس في تحديد المدارس التي سيلتحق بها أبناؤه في جميع الأحوال، حكومية أو خاصة.
وفي قضية رابعة، أيدت المحكمة الاتحادية العليا أحقية أب في نقل أطفاله الثلاثة من مدارس خاصة إلى أخرى حكومية، بعدما أقام دعوى مطالباً مطلقته بتسليمه أوراقهم الرسمية لإجراءات النقل.
وأكدت المحكمة في حيثيات الحكم أن ولي النفس هو المنوط به العناية بالقاصر والإشراف على أموره وحفظه وتربيته وتأديبه وتوجيه حياته وإعداده إعداداً صالحاً، وله تحديد الجهة التي يتلقى التعليم فيها، سواء كانت مدارس حكومية أو خاصة على النحو الذي يراه.
قضايا أحوال شخصية
أكدت المحكمة الاتحادية العليا في حيثيات بعض قضايا الأحوال الشخصية أنه إذا اختلفت الحاضنة وولي المحضون في غير ما يتعلق بخدمته، فالأمر للولي.
ويشمل ذلك توجيهه إلى حرفة، أو نوع معين من التعليم، أو إبعاده عن رفاق السوء ومواطن الفساد لئلا يقع التنازع بين الحاضن وبين الولي على النفس، حين يمارس كل منهما الواجب الذي يمليه حق المحضون، وهو لايزال في سن الحضانة.
كما أنه من المقرر شرعاً وقانوناً على السواء أن الحضانة، وإن كانت تتعلق بها الحقوق الثلاثة (حق الأب، حق الحاضنة، حق المحضون)، إلا أن حق المحضون أولى في المراعاة.
وتقدير مصلحة المحضون يعتبر من الأمور الواقعية التي تختص بتقديرها محكمة الموضوع دون رقيب عليها في ذلك، متى كان حكمها مبنياً على أسباب سائغة وكافية لحمله وغير مهدرة للدليل المقدم في الدعوى.