«تعز» التي توصف بالحالمة ويحلم أبناؤها بيمن يحتضن الجميع ويقضي على كل التحديات الأمنية والسياسية التي تعصف بالبلاد، كون الغالبية من قيادات الأحزاب السياسية ورجال الدولة وقادة المؤسسات الحكومية ينتمون إليها، لكنها تغتال بدم بارد وعلى أيدي العصابات الإرهابية في محاولة لتحويلها إلى مدينة أشباح لا عاصمة للثقافة والتنوير في اليمن.
لقد شكل اغتيال مسؤول برنامج الغذاء العالمي في تعز الأردني مؤيد حميدي في مدينة التربة بالمحافظة الأسبوع الماضي، وقبلها موظف الصليب الأحمر الدولي حنا لحود (لبناني الجنسية) عام 2018، هاجساً مظلماً أثقل كاهل هذه المدينة، وأظهر هشاشة الوضع الأمني في ظل المؤامرات الكبيرة التي تستهدف مدينة عرفت برفضها للجهل والاستبداد ومعارضتها للحوثية منذ اليوم الأولى للانقلاب. وأظهرت جريمة اغتيال المسؤول الأممي في تعز مدى اهتمام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية بهذه المدينة المنسية رغم تصدرها للمعركة الوطنية اليمنية طوال السنوات الماضية، ووضعت الأجهزة الأمنية في هذه المدينة تحت البوصلة وتابعت تحركاتها، ما أدى إلى القبض على منفذي الجريمة وإحالتهم إلى التحقيق قبل أن يتم عرضهم على القضاء في الأيام القادمة، مع أن هناك المئات من جرائم الاغتيالات التي طالت قيادات كبيرة في الجيش والأمن، بالإضافة إلى قيادات حزبية وناشطين ومدنيين. ورحب مجلس القيادة الرئاسي بإشراك الأمم المتحدة في التحقيقات في قضية اغتيال حميدي؛ الذي قدم من الأردن لإغاثة أهله في اليمن ضمن فريق الأمم المتحدة بعد أن ظل مكتب الأمم المتحدة لسنوات في صنعاء وتحرم المليشيا هذه المدينة التي تقع وسط اليمن من الإغاثة والمساعدات.
ولم يلق الاغتيال للموظف الأممي الأردني تنديداً من مسؤولي الدولة وحدهم، بل إن الشعب اليمني في المدينة المحاصرة أعلن موقفه الرافض لهذا العمل الإجرامي الجبان، الذي ربما يدار من قبل جهات هدفها تدمير المدينة من الداخل ونشر الفوضى والقلاقل، خصوصاً بعد أن أصدرت قيادات في المليشيا تصريحات مسيئة لتعز وللمناطق المحررة عقب الجريمة.. لكن السؤال المحير من له المصلحة في اغتيال تعز إلى جانب الحوثي؟