قال النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين، ضمن كلمة ألقيت بالنيابة من طرف محمد سالم بنمسعود، محاسب مجلس المستشارين، إن “موضوع الشباب يشكل أحد أهم أبعاد الرؤية التنموية للملك محمد السادس”، لافتا إلى أن “المغرب عمل، خلال العقدين الأخيرين، على تبني سياسات اقتصادية واجتماعية تجعل الشباب في طليعة اهتماماتها؛ وذلك من خلال تطوير قدرات الجامعة المغربية، وتعزيز التوطين الترابي للتعليم الجامعي والبحث العلمي، وكذلك تطوير نموذج جديد للتكوين المهني القادر على الاستجابة لسوق الشغل وتوفير الفرص للشباب”.
وأضافت كلمة ميارة اليوم السبت، خلال الجلسة الاختتامية للدورة التشريعية الخامسة للبرلمان المغربي للشباب، أن المملكة “قامت بتعزيز المنصات الخاصة بمواكبة وتأطير الشباب؛ على غرار المركبات السوسيو رياضية وفضاءات التكفل بالشباب والفضاءات الموجهة للتكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصال، بجانب تقوية آليات المصاحبة والتمويل المتعلقة بتعزيز روح المبادرة المقاولاتية عند الشباب والأنشطة المدرة للدخل”.
وذكّر أيضا بأن المغرب وضع الشباب في قلب ديناميات النموذج التنموي الجديد، الذي يشكل الإطار العالم للتحول التنموي في أفق سنة 2035، تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية، حيث شدد الملك محمد السادس خلال خطابه بمناسبة الذكرى الـ65 لثورة الملك والشعب على “ضرورة وضع قضايا الشباب في صلب النموذج التنموي الجديد”.
وأشار رئيس مجلس المستشارين إلى أن “مجموعة من التقارير الوطنية والدولية تؤكد أن الثروة الحقيقية للأمة المغربية هي شبابها، حيث يشكلون ثلث مجموع سكان بلادنا. وهذا المعطى يتيح لبلادنا إمكانية الاستفادة من ‘العائد الديمغرافي’ خلال السنوات المقبلة، وسيكون مدخل هذه الاستفادة الاستثمار في الشباب، من خلال الاستمرار في تطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، والاستفادة من الدينامية الكبيرة التي أحدثتها مبادرة مدن المهن والكفاءات في ميدان التكوين المهني”.
وسجل بنمسعود في السياق ذاته “تطوير صناديق استثمار موجهة للمواكبة المالية والتقنية لمشاريع الشباب، وكذلك ملاءمة مسارات التكوين مع توجهات ‘الثورة الصناعية الرابعة’ خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتيك وتكنولوجيات التمويل(FinTech) وتقنيات سلاسل الكتل البلوكتشاين(Blockchain) ، وغيرها من أنشطة ذات القيمة المضافة والمردودية العالية، خاصة أن مجموعة من التقارير الدولية والوطنية، من قبيب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المتعلق بـ’التكنولوجيا والقيم، التأثير على الشباب’، تؤكد أن الشاب المغربي هو شاب مبدع ومبتكر وقادر على المنافسة القوية عالميا في المهن الجديدة”.
وقال محاسب مجلس المستشارين: “نحن مدعوون جميعا إلى العمل على بناء سياسة مندمجة للشباب، والتفكير في أنجع السبل للنهوض بأحواله وتعزيز قدراته على الابتكار والابداع والمساهمة في التحول التنموي الكبير الذي تعرفه بلادنا؛ لأن الشباب المغربي سيكون هو المحرك الأساسي لديناميات التقدم والازدهار في بلادنا. كما ينبغي التفكير في إطلاق برامج تتيح لشبابنا الانفتاح أكثر على العالم؛ من خلال المساهمة في الأنشطة الجمعوية القارية والدولية، والتطوع في المبادرات الإنسانية الوطنية والدولية، وكذلك في المساهمة في تنظيم الأحداث العالمية التي يساهم المتطوعون في تنظيمها”.
وشدد المتحدث على ضرورة “العمل على وضع تشريعات ملائمة في هذا المجال، خاصة على مستوى ‘صفة متدرب'(statut de stagiaire) ليستفيد شبابنا من ظروف جيدة للتدريب المقاولاتي وطنيا ودوليا؛ لأن الرهان الأبرز في المستقبل هو توفير كل السبل والظروف لشبابنا من أجل النجاح في تكوينهم وتطوير مهاراتهم المهنية، انسجاما مع المنطوق الملكي السامي بمناسبة ثورة الملك والشعب سنة 2018”.
وفي هذا الصدد، قال بنمسعود: “نحن مدعوون جميعا للتفكير في إطلاق جيل جديد من المبادرات الوطنية الخاصة بتطوير الكفاءات ومصاحبتها تقنيا وعلميا، من أجل ضمان استفادة بلادنا من قدرات شبابه من جهة، والعمل على بناء منظومة مقاولاتية مبتكرة من جهة أخرى. كما ينبغي العمل على إشراك مجالس الجهات والجماعات الترابية في مسارات تقوية قدرات الكفاءات الوطنية، من خلال تمكينها من الموارد اللازمة لتنفيذ مشاريع خاصة بتقوية وتتمين مهارات الشباب المغربي”.
وجاء في كلمة رئيس مجلس المستشارين أن “الاهتمام بقضايا الشباب لا ينبغي أن يكون وقتيا أو مرتبطا بمناسبات عابرة؛ بل يجب أن يكون عنوانا بارزا للسياسات العمومية وفق منهجية مبنية على التدبير بالأهداف والجودة والنجاعة، وأن يعمل الجميع بأسلوب مبتكر على مساعدة الشباب في تحقيق أحلامهم وتطلعاتهم”، مشددا على أنه “لا يمكن تحقيق ذلك من دون تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية والاستماع إليهم باستمرار وبلورة تصوراتهم على أرض الواقع”.
وقال محمد سالم بنمسعود: “نحن، في مجلس المستشارين، سنظل منفتحين على كل المبادرات الجادة التي من شأنها المساهمة الفعالة في الديناميات الوطنية لخدمة الشباب وضمان حقهم في التعليم والتدريب والصحة وغيرها من القطاعات المرتبطة بالشباب؛ لأننا على يقين تام أن مدخل الرفاه والازدهار في المستقبل هو الاهتمام بالشباب في الحاضر، والاستثمار فيهم والاستفادة من قدراتهم على الابتكار والإبداع”.
المصدر: وكالات