أكد ناصر كامل، الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، أن “أوروبا لن تكون قادرة على التقدم بدون التعاون والتنسيق مع دول الجنوب، منها المغرب، لما تتمتع به الأخيرة من إمكانيات ديمغرافية واقتصادية كبيرة يمكن للقارة الأوروبية الاستفادة منها”.
وأورد المسؤول ذاته، في حوار أجرته معه صحيفة “لافانغوارديا” الإسبانية، أن “هناك العديد من الأمثلة لإمكانية استفادة أوروبا من التكامل والتعاون مع دول الجنوب، خاصة على مستوى الطاقات المتجددة، حيث إن دول الجنوب قادرة على إنتاج ضعف الاستهلاك الحالي الأوروبي من الكهرباء”، مؤكدا أن “تحقيق أوروبا لأهدافها المتمثلة في الحد من الانبعاثات الكربونية بحلول سنة 2025 يمكن أن يتم باستكشاف الإمكانيات الكبيرة لبلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط”.
في هذا الصدد، أضاف كامل أن دول الجنوب تعتبر موردا مهما لأوروبا؛ فعلى سبيل المثال، “يصنع المغرب 700 ألف سيارة سنويا لفائدة السوق الأوروبية، وتنتج شركتا إيرباص وبوينغ العديد من مكونات طائراتها في المملكة المغربية وتونس، كما يقع أكبر مصنع سامسونغ خارج كوريا في مصر.. ومن ثمّ، فالحل بالنسبة لأوروبا للحفاظ على مكانتها هو التعاون مع هذه الدول”.
وأشاد المسؤول عينه بمستوى تقدم التعاون بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط؛ غير أنه أردف: “ما زال علينا القيام بالكثير في هذا الإطار، إذ نواجه تحديات مشتركة تتطلب المزيد من الإرادة السياسية والموارد المالية.. فأزمة المناخ، على سبيل المثال، تضر بالعالم أجمع؛ لكن دول البحر الأبيض المتوسط هي الأكثر تضررا في هذا الجانب”، مبرزا أن “بعض المشاكل التي يواجهها الجنوب لها تأثير مباشر على الاتحاد الأوروبي”.
وحول المقاربة الأمنية التي تنتهجها عدد من الدول الأوروبية لمواجهة الهجرة غير النظامية، قال الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط إنه “حتى الحكومات المحافظة التي وصلت إلى السلطة بوعود بالسيطرة تدفق المهاجرين إلى دولها باتت مدركة أن المقاربة الأمنية ليست هي الحل، وباتت تقف على حقيقة أن المشكل لا يمكن معالجته دون الاستثمار الذكي في التنمية البشرية والمستدامة، مع ضرورة خلق الظروف الاجتماعية والاقتصادية لشباب الجنوب ليكون لهم مستقبل أفضل؛ ذلك أن كل الاستثمارات في بناء الأسوار وشراء زوارق الدوريات لتحصين أوروبا لن تكون كافية أبدا”.
في الصدد ذاته وتفاعلا مع سؤال حول معايير تعامل دول الشمال مع نظيرتها في الجنوب، قال كامل إن “دول الجنوب باتت مدركة للمعايير المزدوجة من الشمال تجاه الدول الإسلامية؛ فقبل شهر، غرق 600 شخص قبالة السواحل اليونانية، تزامنا مع وفاة ستة مستكشفين يبحثون عن حطام سفينة تيتانيك الغارقة، ولمدة ستة أيام تابع العالم الغربي باهتمام كبير مصير هؤلاء المستكشفين الذين دفعوا مبالغ مالية كبيرة من أجل المغامرة، بينما لم يتم الإبلاغ عن قارب الصيد المليء بالمهاجرين الغارق في طريقه إلى إيطاليا، والأمثلة عن هذه المعايير المزدوجة كثيرة”.
وحول تأثير صعود اليمين المتطرف وتنامي الشعبوية في أوروبا على “تزكية” هذه المعايير، قال كامل إن “الأمر يحتاج إلى حوار بين المواطنين للقضاء على الأفكار الخاطئة التي يحملها البعض تجاه سكان الجنوب، إذ من الصعب أن نفهم كيف أن التعبيرات المعادية للسامية في الشمال غير مسموح بها، بينما حرق القرآن يقع ضمن حرية التعبير”، مشددا على أن “اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها القارة الأوروبية هي التي تشجع المواقف الإيديولوجية المتطرفة والأمر نفسه في الجنوب حيث هناك تيارات أصولية تفسر النص القرآني على نحو مخالف لحقيقة الإسلام”.
يذكر أن “الاتحاد من أجل المتوسط” منظمة حكومية دولية تم تأسيسها سنة 2008 بهدف تعزيز التكامل والتعاون الإقليميين، وتضم 43 دولة عضوا هي دول الاتحاد الأوروبي والدول المغاربية إضافة إلى دول أخرى على غرار مصر والأردن وإسرائيل، كما يوجد مقر أمانتها العامة بمدينة برشلونة الإسبانية.
المصدر: وكالات