يقدم بحث علمي صدر في أحدث أعداد أعرق المجلات العلمية المغربية “هيسبريس – تمودا” البطاطس الحلوة بوصفها “مكسبا غذائيا”، دخل البلاد في سياق التوسع الاستعماري قبل ستة قرون، خاصة عبر البوابة البرتغالية.
هذا المقال العلمي لعالم النبات المغربي جمال بلخضر يعيد رسم “الرحلة الكبيرة” التي قادت “البطاطس الحلوة” من القارة الأمريكية، موطنها الأصل، إلى المغرب، في سياق التوسع الاستعماري الأوروبي، الذي قاد البرتغال إلى ثغور مغربية، منذ القرن الخامس عشر الميلادي.
وفي غياب أي دليل مضبوط في المصادر المكتوبة، لقرائن محتملة تضع الباحث على طريق فهم مسار “البطاطس الحلوة”، حاول الباحث جمع أكبر قدر من القرائن؛ عبر رحلة استقصائية للبحث عن أدلة “يحتمل أن تكون کفيلة بوضعنا على الطريق الصحيح”.
ويفسر الباحث جمع أكبر قدر ممكن من القرائن الممكنة بأنه أحيانا “تكون قرائن صمّاء، عندما تؤخذ معزولة، وتنطق عندما تدخل في حوار مع قرائن أخرى”، ثم قال: “من أمريكا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، كإجراء للطوارئ، وضع هذا النوع الغذائي في مستودعات السفن الإسبانية، وكاهتمام بأمر غرائبي، وهو ما سرعان ما نقلته البواخر البرتغالية إلى عدد من الموانئ الإفريقية حيث وجدت ظروف تنميته مناسبة أكثر من أوروبا الغربية”.
هكذا، بلغت المغرب في آخر المطاف عبر البرتغاليين الذين وصلوه “من أجل غزو خيراته”، دون أن يستطيعوا وضع يدهم على صناعة القمح بالبلاد، ولا الاستقرار بشكل مستدام.
ويذكر المقال أنه “بعد مغادرة التراب المغربي، ترك البرتغاليون وراءهم آثارا لعبورهم، ورغم ما طبع علاقتهم بالساكنة المحلية، من عدم تناسق، فقد تركوا إرثا ثقافيا مشتركا”، من بين ما يشهد عليه اليوم البطاطس الحلوة، التي اندمجت في تقاليد الطهي المغربي.
يذكر أن مجلة “هيسبريس-تمودا”، الصادرة عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط (جامعة محمد الخامس)، أتاحت على موقعها الرسمي قراءة مواد المجلد (1) من عددها (LVIII 58)، في هيئة مقالات متنوعة، ونصوص تاريخية غميسة، وقراءات في كتب حديثة الصدور.
وبمقالات علمية بالإنجليزية والعربية والفرنسية، يهتم العدد الجديد بالفنون الجدارية بالمغرب في القرون الوسطى، ويقدم نتائج بحوث أركيولوجية بمراكش، ويهتم بالمشاريع المعمارية لـ”قصر البديع”، وتاريخ أول متحف بالمغرب، والحجاب عند الحريم الموري، وخطابات النصر عند الموحدين، والحركة الصهيونية بالمغرب سنة 1948، ويقدم كتبا من بينها ما يهتم بذاكرة وحضور الوليات المغربيات، بمدن مثل القصر الكبير.
المصدر: وكالات