لا يقتصر عيد الأضحى المبارك بالنسبة للمصريين، على مجرد ذبح الأضاحي اقتداء بنبي الله إبراهيم عليه السلام، لكنه يحمل ذكريات طريفة وأخرى مؤلمة منذ سنوات، ما تزال عالقة في الأذهان، خاصة مواليد فترة الثمانينيات والتسعينيات، الذين عاشوا مواقف لا تُنسى خلال فترة الطفولة، وما يزالون يذكرونها كل عيد.
«محمد» لا يأكل اللحم بسبب ذكرياته مع الخروف
أعوام طويلة مرت على محمد إبراهيم أستاذ التاريخ بجامعة بني سويف، الذي تسببت ذكرياته الأليمة مع خروف العيد، في ترك أكل اللحم، إذ اعتادت الأسرة والجيران المواظبة على ذبح الأضاحي سنويًا خلال العيد، وفي إحدى المرات أقدم الخروف الذي كانت ترعاه أسرته على لف الحبل حول رقبته، حتى اختنق ونفق في الحال، وخروفا آخر عمد إلى القفز من الدور السادس ليقع صريعًا وسط المنطقة، وسط صراخ الأطفال ونحيب وبكاء أصحابه على فقده.
لم ينسَ أستاذ التاريخ، الموقف الطريف الذي كان منتشرًا بين أطفال الحارة عند ذبح الخروف في العيد، وهو البكاء والتوسل للآباء بعدم ذبحه، حتى أنّ البعض كان يأتي بما جمعه من نقود في حصالته، كي يعطيه للأب ثمنًا للخروف حتى لا يُذبح: «البعض كان يظل حزينًا لأيام ولا يأكل من لحمه شيئًا، مُتهما الأهل بالقسوة والعنف، بعد أن فقدوا ونيسًا لهم، يصعدون إليه كل صباح لإطعامه، والنداء عليه لسماع صوته».
وتتذكر مريم متولي، الخروف «العصبي» الذي أحضره والدها منذ عدة أعوام، وتسبب في خسائر وتلفيات بالمنزل: «الخروف كان متوتر أوي، وكنا حاطينه فوق السطوح، وبعدين سمعنا صوت خروف عمال يقرب لينا، وتكعيبة العنب اتكسرت، ونزل قدامنا الخروف واقف، وعمال يترعش بعد ما حاول ينط من فوق».
«رجائي» يبيت مع الأضحية حتى لا تسرق
على عكس الأطفال في عمره، اعتاد رجائي الدغيدي، المبيت مع عجل الأضحية خشية السرقة، بناء على طلب والده منذ أن كان طفلًا وحتى الآن: «الناس كلها كانت بتسهر وتخرج يوم الوقفة، وأنا أبويا كان بيخليني أنام جنب العجل، عشان خايف يتسرق».
لم ينس عبد الرحمن سعيد، نهائيا ذكرياته مع أغنية الطفولة، التي ما تزال عالقة في ذهنه، إذ تقول كلماتها: «بكرة العيد وهنعيد وهندبحك يا شيخ سيد.. ونحطك في القروانة وننزل عليك بالخرازانة»، إذ كان يجتمع مع أطفال حارته وقت الذبح مع الأهل والأخوة مُكبرين وراء الجزار، غامسين أيديهم في الدماء لطبعها على واجهة المنزل، تبركًا وإعلانا بأنّهم حققوا السنة، متباهين بين جيرانهم بذلك: «كان زمان الخروف ليه اسم، والغريب أنّه كان بيستجيب لما حده بيندهله، وكان أكتر الأسماء انتشارًا سعد وسيد».