لامست القيمة الرأسمالية لسوق دبي المالي مستويات تاريخية غير مسبوقة بختام تعاملات الأسبوع، ما قبل عيد الأضحى، وذلك بعد تجاوزها مستويات 650 مليار درهم (176.9 مليار دولار)، ليتزامن ذلك مع ارتفاع مؤشره أكثر من 13% تقريباً، بالغاً أعلى مستوى منذ أغسطس 2015، ما يعادل أكثر من ثماني سنوات.
وفي هذا الصدد توقع محللون لـ«الإمارات اليوم»، أن تستمر القيمة الرأسمالية لسوق دبي المالي في الارتفاع القياسي، ومن ثم الوصول إلى مستويات تقترب من تريليون درهم خلال الثلاث سنوات المقبلة، وذلك بدعم من أربعة عوامل رئيسة في مقدمتها زيادة الطروحات والإدراجات الجديدة، وتصاعد وتيرة التوزيعات النقدية على مساهمي الشركات المدرجة، إضافة إلى زيادة استثمارات صناديق المؤسسات العالمية، مع تعزز إدراج مزيد من أسهم الشركات الإماراتية في مؤشرات «إم إس سي آي» MSCI، ومؤسسة «فوتسي راسل العالمية».
وفي هذا الصدد قال عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد «تشارترد للأوراق المالية والاستثمار»، وضاح الطه، إن «استمرار ارتفاع القيمة السوقية للشركات المدرجة في سوق دبي المالي إلى مستويات تاريخية، سيعتمد في الفترة المقبلة على عدة عوامل أبرزها نتائج الأعمال في النصف الأول من العام الجاري، والتطورات الاقتصادية المحلية والعالمية».
وأشار إلى أن أحد العوامل الرئيسة التي ستسهم في إحداث قفزة قوية في القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في دبي، هو إدراج شركات جديدة وكبيرة، وهو الأمر الذي سيعزز مكانتها عالمياً وعربياً من حيث القيمة الرأسمالية.
وأوضح الطه أنه «من أسباب زيادة القيمة الرأسمالية لأسواق الأسهم المحلية، ارتفاع قيمة الأسهم التي تم إدراجها العام الماضي، وتركز السيولة فيها، ومن ثم زيادة مكررات ربحيتها وأسعارها».
بدوره قال المدير التنفيذي لشركة «سولت للاستشارات المالية»، طارق قاقيش، إن «سعي إمارة دبي إلى تنفيذ مبادرات استراتيجية طويلة الأجل تعزز الاستدامة الاقتصادية وتطور القطاع المالي، وتهدف إلى تعزيز الابتكار وتوفير فرص جديدة للشركات والمستثمرين، مثل (رؤية دبي 2021) و(خطة دبي 2040)، سيمكن من نمو قيمة سوق دبي المالي إلى مستويات أكبر».
وأشار إلى أن «الابتكارات التقنية في دبي التي تسهم في توفير منصات تداول متطورة وأدوات استثمارية جديدة، ستشجع المزيد من المستثمرين على المشاركة في سوق المال، وسط تقديم حكومة دبي دعماً قوياً، من خلال تعزيز بيئة الاستثمار، ما يسهم أيضاً في ارتفاع قيمة الرأسمالية للشركات المدرجة».
وفي السياق نفسه، لفت كبير محللي السوق في «شركة سنشري فاينانشال»، أرون ليزلي جون، إلى أن «مؤشر سوق دبي المالي نما بنسبة تعادل 3.8 مرات من عام 2012 إلى 2022، ما يمثل معدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 14%»، مشيراً إلى أنه إذا استمر المؤشر في النمو بهذه السرعة، فقد يصل بحلول عام 2025 إلى قيمة سوقية تقدّر بنحو تريليون درهم، في ظل سعي الشركات الصغيرة والمتوسطة وبعض الشركات الخليجية الأخرى إلى طرح أسهمها في السوق في وقت قريب.
وأشار المحلل نايل الجوابرة، إلى أن «زيادة أسهم الشركات المدرجة في مؤشرات الأسهم العالمية كـ(إم إس سي آي) MSCI و(فوتسي راسل)، يحفز رفع استثمارات الصناديق الاستثمارية التابعة لها والتي تضخ مزيداً من الأموال في أسواق الأسهم المحلية، وسط زيادة التسهيلات الجاذبة للمستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية».
وتعد «إم إس سي آي» أكبر مؤسسة لمؤشرات الأسواق، وترتبط مؤشراتها للأسواق الناشئة بأصول قيمتها 1.8 تريليون دولار. ويعد مؤشر فوتسي 100 «فايننشال تايمز للأوراق المالية»، المعروف باسم «فوتسي»، المؤشر الأكثر شعبية وتداولاً على نطاق واسع في أسواق الأسهم العالمية اليوم.
ولفت الجوابرة إلى أن «أحد الأسباب الرئيسة وراء رفع استثمارات الصناديق الاستثمارية، هو التوزيعات المجزية التي أقرتها أغلب الشركات المدرجة في أسواق الأسهم المحلية بنهاية العام الماضي، بعد تحقيق أرباح سنوية قياسية مقارنة بالأعوام الماضية»، متوقعاً مواصلة زيادة القيمة الرأسمالية لأسواق الأسهم المحلية، في ظل سعي الشركات المدرجة إلى تطبيق قرار رفع نسبة تملك الأجانب في أسواق الأسهم لنسبة تصل إلى 100%.
من جانبه أفاد الخبير الاقتصادي، طارق عيسوي، بأن «أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت إلى ارتفاع القيمة السوقية هو كثرة الطروحات التي استقبلتها الأسواق خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى ارتفاع أرباح القطاع البنكي والتوزيعات السخية التي زادت من الإقبال على الأسواق الإماراتية».
جذب سيولة خارجية
أكد خبير التداول في الأسهم، محمود عطا، أن «الخطط الحكومية الجيدة والتركيز على منافسة سوق الأسهم المحلية في الإمارات عالمياً، من خلال طرح شركات قوية مالياً – وهو ما سيزداد خلال الفترة المقبلة – سيؤدي إلى جذب سيولة خارجية، ومن ثم سيرفع القيمة السوقية للأسهم المحلية المدرجة في سوق دبي إلى مستويات قياسية، ربما تقترب من مستوى تريليون درهم بنهاية العام الجاري».