01:53 م
الأحد 25 يونيو 2023
كتب محمد قادوس:
يبدأ حجاج بيت الله الحرام يتوافدون غدًا الاثنين، الثامن من شهر ذي الحجة 1444هـ إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية؛ تقربا لله-سبحانه تعالى-، راجين منه القبول والمغفرة، متبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير.
وأفادت الشريعة السمحة بأن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيه في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة سنة مؤكدة.
وقد أوضحت لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية” لماذا سمي يوم التروية بهذا الاسم” على النحو التالي:
يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجَّة، وينطلق فيه الحجاج إلى منًى، ويحرم المتمتع بالحج، أما المفرد والقارن فهما على إحرامهما، ويبيتون بمني اتباعًا للسنة، ويصلون فيها خمس صلواتٍ: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وهذا الفجر هو فجر يوم عرفة، وسُميَ يوم التروية بهذا الاسم لأن الحجاج كانوا يروون فيه من الماء من أجل ما بعده من أيام؛ قال العلامة البابرتي في “العناية شرح الهداية” (2/ 467): [وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ بِالْمَاءِ مِنْ الْعَطَشِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَحْمِلُونَ الْمَاءَ بِالرَّوَايَا إلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى] اهـ.
وقيل: سمي بذلك لحصول التروي فيه من إبراهيم في ذبح ولده إسماعيل عليهما السلام؛ قال العلامة العيني في “البناية شرح الهداية” (4/ 211): [وإنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ رأى ليلة الثامن كأنَّ قائلًا يقول له: “إن الله تعالى يأمرك بذبح ابنك”، فلما أصبح رؤي، أي: افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح؛ أمِنَ الله هذا، أم من الشيطان؟ فمِن ذلك سمي يوم التروية] اهـ.
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد “الخيف”، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريبا من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال: “شهدت مع النبي -صلى الله عليه وسلم-حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف”، وما زال قائما حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية؛ ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلا من الأوس والخزرج لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تلتها الثانية في حج العام الـ13 من الهجرة وبايعه فيها عليه السلام 73 رجلا وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة؛ حيث بنى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل “ثبير” قريبا من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى المدينة المنورة.
كما نزلت بها سورة “المرسلات”؛ لما رواه البخاري عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزل عليه (والمرسلات) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها.