باللغة العربية، تتوالى عناوين “الأعمال الكاملة” للشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، ضامة في طبعات جديدة الأعمال الشعرية والسردية ورسائلَ الأديب البارز الحاصل على جائزة “غونكور” الرفيعة في مجال الكتابة الأدبية باللغة الفرنسية.
وفي تصريح لهسبريس، قال اللعبي: “ما الذي يمكن أن يتركه الكاتب أو الشاعر بعد انصرافه؟ الإرث الوحيد هو ما كتب. وفي السن الذي بلغته أعتبر أن المسألة مستعجلة بالنسبة إلي، أي أن تنشر كافة أعمالي في حلّة جميلة”.
وأضاف: “كان عندي مشروع من قبل مع (دار ورد) في دمشق التي كان يديرها مجد حيدر، ابن الروائي حيدر حيدر، لنشر الأعمال الكاملة، ونشَرت مجلدين من أعمالي الشعرية، ومجموعة من الكتب، لكن العملية توقفت مع الحرب وما تم من كارثة بشرية في دمشق، مع توقف دار النشر عن العمل”.
وتابع: “بحثت منذ سنوات عن ناشر بإمكانه نشر كافة الأعمال، حتى لا تنشر في دور متفرقة، والآن بدأ نشرها، والأغلفة مثلا رسومٌ لي، اشتغل عليها الناشر، وهو ما سيستمر في الكتب القادمة، حتى يكون هناك انسجام من الناحية الجمالية أيضا”.
وصدرت في السنة الراهنة عدد من العناوين الجديدة للشاعر، منقولة إلى اللغة العربية، وهي دواوين “الأمل عنوة” و”لا شيء تقريبا”، و”الشعر لا يهزم”، و”الهروب إلى سمرقند”.
وعن “دار الرافدين”، نشرت من جديد “يوميات قلعة المنفى” التي هي رسائل سجنه بين 1972 و1980، كما صدر أحدث دواوينه الشعرية باللغة الفرنسية “الأرض برتقالة مرة” أو “La terre est une orange amère”.
هذا الديوان الأخير، قال اللعبي في تقديمه، الذي حضرته هسبريس بالرباط، إنه كان قد اختار له عنوان “لم أقل كلمتي الأخيرة بعد”، قبل أن يتفاجأ بصدور كتاب للسياسي اليميني المتطّرف إيريك زمور بالعنوان نفسه، علما أن “كتب السياسيين (قِدرٌ سريع الإعداد)، وتنتهي في أيام”؛ فـ”غيرت العنوان الذي سرق مني”، معربا عن ندمه عليه بعد ذلك.
وتفاديا لوقوع الأمر نفسه مستقبلا، استبق صدور عمله القادم بإعلان عنوانه: “سنذهب جميعا إلى الجحيم”.
ومع تشبثه بـ”التشاؤُل” (تعبير إميل حبيبي بين التشاؤم والتفاؤل)، ذكر اللعبي أن ما يستطيعُه الشاعر هو “مرافقة وضع العالم وظروفه، وظروف الوضع البشري. الشاعرُ مرافِق، يمسك يدك، ويحاول نقل صداقة وثقة وأمل لك، يطرح أسئلة، يتألم، مع لحظات سعادة، وأمل”.
ومع تأكيده أن “الشعوب التي تتألم أكثر، لها الآداب والشعر الأكثر حيوية”، تساءل اللعبي: “لو لم يكن الفن والأدب هل كنا سنكون أناسا حقيقيين؟ لم نكن لنكون بعيدين كثيرا عن بعض الحيوانات”.
وفي مطلع عقده الثامن، قال اللعبي: “الحياة لغز، في كون لا متناه، كوكب نشأ فيه شيءٌ، الإنسان، انطلق من العدم، من معجزة، ولغز، والموتُ كذلك. يمكن الجواب على هذا بالدين، أو الفلسفة، ومسار شخصي لا علاقة له بالإيديولوجيات والفلسفات والأديان”.
وأضاف: “حسب فصول الحياة، تطرح الأسئلة”، موردا أنه في مرحلة عيشه هذه، يركز أكثر فأكثر على عمله، قائلا: “الكتابة أسلوبي للتنفس، والوجود في العالم (…) وأتعلم المسافة”، في فصل من الحياة دخل فيه “في حوار مباشر وصادق مع المحدودية (الفناء)”.
وبعد ذكر السخرية الذاتية ودور “نقدِ لا الخارجِ فقط، بل الداخل أيضا”، استرسل متحدثا عن “شكل جديد من الحرية”، اكتشفه في الشيخوخة: “لا نقول كل شيء، لا كاتب يقول كل شيء، لكن لا تَقعُ في الرقابة الذاتية، لي قدرة قول كل شيء، وعدم السكوت عن شيء، أحس بحرية تامة، وأحس إحساسا جيدا”.
المصدر: وكالات