جدل جديد يرافق دعم الكتاب بالبلاد، بعد ما أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل ـ قطاع الثقافة نتائجه شهر يونيو الجاري، حيث قالت هيئات أمازيغية إن هناك إقصاء قد طال المؤلف الأمازيغي، بالتزامن مع ترسيم السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، كما عبر “اتحاد الناشرين المغاربة” عن “استيائه من قرار الإقصاء الذي طال معظم الكتب”، مؤكدا أن “مثل هاته القرارات تعمق أزمة النشر الثقافي وتزيد من هشاشة المقاولة الثقافية”.
رابطة الكتاب بالأمازيغية “تيرا” وكونفدرالية الجمعيات الأمازيغية بالجنوب “تامونت ن إفوس” و”جمعية إسني ن وورغ” و”مجلة نبض المجتمع” قالت، في بيان لها، إن “حرمان الأمازيغية من الدعم بهذه الطريقة هو حرمان من حقوقها المنصوص عليها دستوريا، وهو إجحاف في حق الأدب المغربي المكتوب بالأمازيغية، وتراجع عن المكتسبات السابقة بذرائع لا تلتزم بواقع الأمازيغية اليوم البعيد عن التعميم، وفي وقت تحتاج فيه هذه الأخيرة إلى رعاية متميزة وخاصة”.
وتابعت الجمعيات الثقافية الأمازيغية الموقعة على هذا البيان: “من بين أكثر من 25 كتابا بالأمازيغية تم قبول أربعة فقط، وهذه الكتب الأربعة (اثنان منها للأطفال) تمثل نسبة 2.8 في المائة من مجمل الكتب المدعومة وطنيا وهي 142 كتابا، وبنسبة 1.63 في المائة من مبلغ الدعم المخصص للكتب المدعومة، كما تم حرمان إحدى المجلات الأمازيغية المعروفة في جهة سوس ماسة من الدعم”.
“هذا الإقصاء” جاء “بناء على معيار تقني غير إبداعي يرتبط بكتابة النص بحرف تيفيناغ، وهو معيار لم تشترطه الوزارة ضمن برنامجها في الدعم”، وفق المصدر؛ علما أن “معايير اختيار الكتب المدعومة واضح ومتفق عليه مبدئيا في دفتر التحملات، وعلى رأسها جدة المضمون والأسلوب والبناء والصياغة واللغة والقيمة المضافة إلخ… وليس من ضمنها حرف الكتابة”.
محمد حنداين، رئيس كونفدرالية الجمعيات الأمازيغية، قال، في تصريح لجريدة هسبريس، إن “هذا الإقصاء شكل محط شجب وتنديد من طرف الحركة الأمازيغية”، مضيفا أنه “لم يكن منتظرا أن يتم إقصاء الكتب الأمازيغية من الدعم في ظل الحكومة الجديدة، وأن ما وقع يعتبر تراجعا خطيرا من طرف وزارة الثقافة التي لا يزال يهيمن عليها حماة القومية العربية بالمغرب، إذ سيطر عليها أعضاء اتحاد كتاب المغرب المعادي للثقافة الأمازيغية منذ فترة طويلة”.
وأضاف حنداين: ”هذا الإقصاء يعتبر في نظرنا تمييزا واضحا ضد الأمازيغية في الوقت الذي كنا ننتظر أن يتم التعامل مع الكتاب الأمازيغي بنوع من التمييز الإيجابي في أفق تنمية حقيقية للغة والثقافة الأمازيغيتين لتكون في مستوى ما يتطلع إليه الشعب المغربي”، مشيرا إلى أن ”النسبة التي بينها البيان الذي أصدرته الجمعيات الأمازيغية تدل بشكل واضح على استمرار الإهانة التي تتلقاها الأمازيغية”.
من جهته، عبر الحسن زهور، باحث عضو بمكتب “تيرا”، عن تفاجئه بنتائج دعم الكتب الأمازيغية، قائلا إن “قرار الإقصاء الذي طال معظم الكتب الأمازيغية لهذه السنة يعتبر قرارا جديدا على عكس السنوات السابقة التي تميزت بتعميم الدعم بالنسبة لجل الكتب الأمازيغية الصادرة”.
وشدد المتحدث نفسه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على ”ضرورة التعميم التدريجي للغة الأمازيغية والتعامل بنوع من المرونة بخصوص المعايير الواجب توفرها للاستفادة من الدعم”، مبرزا أنه “انطلاقا من التحريات التي قمنا بها بخصوص قبول تقديم الدعم لأربعة كتب فقط من أصل 22 كتابا، افترضنا أن هذا الإقصاء كان بناء على معيار تقني غير إبداعي يرتبط بكتابة النص بحرف تيفيناغ، وهو معيار لم تشترطه الوزارة ضمن برنامجها في الدعم”.
من جهته، قال مصدر من وزارة الشباب والثقافة والتواصل إن الوزارة “تؤكد بالغ عنايتها باللغة والثقافة الأمازيغيتين، باعتبارهما أولوية من أولوياتها الاستراتيجية انسجاما مع التوجيهات المولوية السامية والتوجهات الدستورية للمملكة”.
وأضاف المصدر في تصريح لـ هسبريس: “تعمل الوزارة على تفعيل هذا التوجه من خلال مجموعة من البرامج والسياسات الثقافية في العديد من المجالات، والتي من بينها برنامج دعم النشر والكتاب الذي يولي دفتر تحملاته اهتماما خاصا بالكتاب المؤلف باللغة الأمازيغية؛ فضلا عن تخصيص جائزتين مستقلتين للأدب والدراسات الأمازيغية ضمن أصناف جائزة المغرب للكتاب”.
و”خلافا لما جاء في بيان الجمعيات المذكورة من كون معيار الكتابة بحرف تيفيناغ غير مشترط في عملية الدعم”، ذكر المصدر أن “المقتضيات العامة والمشتركة” بدفتر التحملات المعتمد لهذه السنة “تنص، بشكل واضح لا لبس فيه”، على أن “المشاريع المرشحة لدعم الكتاب الأمازيغي يجب أن تكون مكتوبة بحرف تيفيناغ”.
وتابع المتحدث: “تجدر الإشارة إلى أن هذا الاختيار لم يكن، أبدا، بهدف الإقصاء بقدر ما كان انسجاما مع التوجه الرسمي للمملكة باعتماد حرف “تيفيناغ” لكتابة وقراءة اللغة الأمازيغية، وفقا لما أشارت إليه المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجالات التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية”.
أما بالنسبة للمشاريع غير المقبولة رغم كتابتها بحرف تيفيناغ، فإن “اللجنة المكلفة بدراسة وانتقاء الملفات”، حسب المعلومات ذاتها، قد نظرت “في مدى احترامها، إسوة بالمشاريع الأخرى، وباقي المعايير والإجراءات الموضوعية والشكلية المنصوص عليها في دفتر التحملات المنظم لعملية الدعم”.
أما بخصوص مشروع دعم مجلة “نبض المجتمع” الذي تقدمت به شركة آنتاغ ميديا، فإن اللجنة قد حجبت الدعم عنها نظرا لكون وثيقة الإيداع لدى المحكمة أو وثيقة الملاءمة المرفقة بالمشروع تتعلق بجريدة وليس بمجلة باسم شركة أخرى؛ وهي إموزار كومينيكاسيون، علاوة على أن اللجنة لاحظت أن أغلب المواد المنشورة بالمجلة هي أقرب لمقالات صحافية أو إخبارية، في حين أن الدعم موجه إلى المجلات الثقافية التي تحتوي على دراسات وأبحاث علمية أكاديمية تجعل منها مرجعا للباحثين والقراء”.
المصدر: وكالات