مقديشو/ نور جيدي/ الأناضول
** الهدف من القرار زيادة مداخيل الحكومة المالية
** الزيادة شرط للبنك الدولي وصندوق النقد لإطفاء 95 بالمئة من ديون الصومال
أثار قرار وزارة المالية الصومالية برفع الضرائب على الواردات بنسبة 50 بالمئة، لتعبئة إيرادات صافية للحكومة، جدلا واستياء واسعا بالنسبة للتجار، الذين وصفوا القرار بضرائب غير شاملة على مستوى البلاد.
وذكرت الحكومة الصومالية، أن رفع الضرائب على السلع والخدمات المستوردة من الخارج، يهدف إلى زيادة دخل الحكومة، لتقليص اعتماد ميزانيتها على الدعم الخارجي، والذي يأتي ضمن اشتراطات البنك الدولي لإعفاء الدين الخارجي من البلاد.
ويدعم المجتمع الدولي بنسبة 70 بالمئة ميزانية البلاد، فيما تحصل الحكومة نسبة 30 بالمئة من الإيرادات المحلية.
في ظل التجاذبات بين الحكومة والتجار حول القرار، حذر خبراء اقتصاديون من تداعيات جمة قد يسببها قرار رفع الضرائب، منها ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل غياب خطط حكومية مالية، إلى جانب إمكانية لجوء التجار إلى موانئ أخرى تهربا من تلك الضرائب.
** زيادة الدخل المحلي للدولة
أعلنت وزارة المالية الصومالية مطلع مايو/أيار الماضي، عن رفع الضرائب على الواردات كخطة لزيادة الدخل المحلي، وتعزيز قدرة الصادرات الوطنية، للدخول والمنافسة في الأسواق العالمية.
يقول عبد القادر حسين، النائب وعضو لجنة المالية للبرلمان الصومالي للأناضول، إن الصومال يمر في الإجراءات الأخيرة لبرنامج إعفاء الدين الخارجي، وعليه استكمال ما تبقى من تلك الإجراءات، عبر زيادة الدخل المحلي كخطوة لتقليص اعتماد ميزانية البلاد على الدعم الخارجي.
وأضاف حسين، أن محدودية مصادر الدخل البلاد، تدفع الحكومة لرفع الضرائب على الواردات من الميناء والمطار لزيادة دخلها المحلي، إلى جانب إصلاحات أخرى من أجل رفع مستوى المعيشية للشعب.
وتابع: “للحكومة أن تتخذ كل ما يجعلها مؤهلة للاستدانة من المؤسسات المالية الدولية مجددا، وإن زيادة الدخل المحلي قادم من الطرق التي تبنتها الحكومة لإسقاط الدين المفروض عليها”.
من جهته، قال وزير المالية علمي محمود في اجتماع مع البنوك والتجار الصوماليين: “نشجع دائما على سياسة رفع قدرة صادرات البلاد، وللانضمام إلى الأسواق العالمية منها الإفريقية والعربية، من أجل إعفاء الضرائب على صادراتنا لتلك الأسواق”.
وأضاف الوزير، أن قرار “إعفاء من الضرائب لصادراتنا لسوق المنطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، دخل حيز التنفيذ مايو الماضي، ونسعى من خلال هذه السياسة إلى رفع سوق صادرات الصومال”.
ويشترط البنك الدولي حزمة من الإصلاحات المالية لإعفاء الصومال من الدين الخارجي التي تبلغ 5.2 مليارات دولار، منها ضرورة مضاعفة الجهود الرامية لزيادة الدخل المحلي، وإعطاء الأولوية لتقليل دفع النفقات الغير الضرورية قبل نهاية 2023.
ويتطلع الصومال إلى تحقيق عملية تخفيف أعباء الديون الخارجي، بموجب المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون “HIPEC” بحلول أواخر 2023.
والمسار الإصلاحي -بحسب الحكومة- سيؤدي إلى انخفاض ديون البلاد إلى 550 مليون دولار، من أصل 5.2 مليار دولار، أي ما يعادل إعفاء نحو 95 بالمئة من الدين الخارجي.
** ضرب القوة الشرائية
يرى خبراء اقتصاديون أن لجوء الحكومة الصومالية إلى رفع ضرائب على السلع المستوردة من الخارج، لزيادة دخلها المحلي، قد يحمل في طياته تداعيات كثيرة ما لم يكن هذا القرار لمدة محدودة.
وقال أستاذ الاقتصاد يحيى عامر للأناضول، إن جل اهتمام الحكومة الصومالية هو ضمان برنامج إعفاء البلاد من الديون الخارجية، حيث أخذت تدابير مالية قد تضرب القوة الشرائية للمواطن البسيط، الذي يكتوي بشتى الأزمات.
وأضاف يحيى، أن فرض ضرائب جديدة من دون خطط حكومية للتعامل مع التداعيات التي ستنعكس على المواطن، ستعيق عجلة الاقتصاد في البلاد.
وزاد: “المواطن هو من يدفع ثمن هذه الضرائب، لأن التجار سيرفعون سقف أسعارهم، حتى السلع التي لم تفرض عليها الضرائب بذريعة هذا القرار”.
وأوضح استاذ الاقتصاد، أن غياب خطط حكومية لحماية المواطنين من ارتدادات هذه الضرائب، كرفع أجور الموظفين أو خلق فرص عمل، من شأنها أن تضاعف معاناة المواطنين وتتوقف سير عجلة الاقتصاد المهترئ اصلا.
** ضرائب غير موحدة
عجز الحكومة الصومالية عن توحيد الضرائب على مستوى الولايات الفيدرالية في البلاد، وفرضها على العاصمة فقط، من شأنها أن تعزز تضارب في الأسعار بين البضائع في العاصمة والقادمة من الولايات الفيدرالية كما تحفز التهرب الضريبي للموانئ الأخرى التي لم يطبق عليها قرار رفع الضرائب.
يقول التاجر عبد الرحمن محمد للأناضول، إن غياب سياسة توحيد الضرائب على مستوى الولايات الفيدرالية، يظهر مدى ضعف النظام المالي للحكومة الصومالية، وأن تطبيق قرار رفع الضرائب لتجار العاصمة وحدهم، قد لا يساهم في تحقيق هدف الحكومة لزيادة دخلها المحلي.
وأضاف التاجر عبد الرحمن، أن إصرار الحكومة على تطبيق نظام رفع الضرائب في العاصمة، سيؤدي بالعكس إلى انخفاض دخلها المحلي، نتيجة لجوء التجار لوسائل غير قانونية لتجنب دفع الضرائب.
من جهته، قال التاجر يوسف أحمد للأناضول، إن الإحساس بعدم توحيد الضرائب قد يدفع التجار إلى التهرب الضريبي، من خلال إخفاء متعمد من قيمة الضرائب، أو نقل جزء من البضائع إلى الموانئ الأخرى.
وبحسب آخر تقرير لصندوق النقد الدولي، فإن الصومال بصدد وصول إلى نقطة الإنجاز في عملية تخفيف أعباء الديون العالمية بموجب المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون بحلول أواخر 2023، ما سيسمح للصومال بتخفيض ديونه إلى نحو 550 مليون دولار من أصل 5.2 مليار دولار.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات