مع استعداد أسرة مصرية للاحتفال بسبوع ابنتهم في عام 2006، غابت ابتسامة الأب بعد عودته مع وليدته من عند الطبيب، بدأ الأهل بالانسحاب فردًا يلو الآخر، لينفرد الأب بطفلته وزوجته، ويخبرها أن عليهما السفر من السويس إلى القاهرة للاطمئنان على صغيرتهم التي يعتقد أنها تعاني من مشكلة بالنظر.
رحلة علاجية شاقة
«الحمد لله أحسن من غيرنا كتير»، أولى كلمات مها محمود بعد أن كشف لها زوجها أن الطفلة يُعتقد بأنها لن تكون قادرة على الرؤية، وأنه يقترح تبديل اسمها من «هايدي» إلى «رحمة»، ليقترن اسمها بتذكيرهم أنها رحمة من الله سبحانه وتعالى، بدموع عابرة مختلطة بشعور بالرضا انطلقوا برحلة علاجية طويلة وشاقة بمستشفيات العاصمة.
الجد يعرض التبرع بعينيه لحفيدته
بين أمل خاطف خاصة أنها كانت تفتح أعينها ليلًا لوالدتها، يليه يأس لطول مدة الانتظار والتنقل بين المستشفيات، تجدد الأمل بقوة بإبداء جد «رحمة» رغبته في التبرع لها بقرنيته، وتروي «مها» والدة «رحمة» في حديثها لـ «الوطن»، «بابا قالي أنا أديها عيني تشوف بيها، وخلي لي عين أشوف بيها الطريق وأشوفها وأشوفك وأشوف عيالك، وبنتك لو هتسافر أنا معاها».
بداية الرحلة
غير أن الأمل تبدد باكتمال عمرها عامين عندما اكتشفوا صعوبة عملية نقل القرنية، لوجود مياه زرقاء تؤثر على عصب العين، إضافة إلى وجود المياه البيضاء وعجز القطرات الطبية على خفض معدل ضغط العين المرتفع بصورة مستمرة رغم سلامة الشبكية، عادت الأسرة إلى منزلهم بالسويس حاملين آمالا متعددة بوجود مخرج لحالتها بالتنقل مرة أخرى بين الأطباء، توفي الجد وأجمعت الآراء الطبية على أنها لن تتمكن من الرؤية، لتبدأ الأم رحلتها لصناعة شخصية متميزة وبطلة من ابنتها بعد ـتأكدها بانها ستقضي حياتها غير مبصرة، بحسب والدة رحمة.
حفظ القرآن وتدريب بالكاراتيه
استقرت الأم على اختيار مدرسة النور والأمل للمكفوفين، كونها مجهزة لمثل حالة «رحمة»، بالتزامن مع حفظها للقرآن الكريم، وعن مشوارها في لعبة الكاراتيه، تقول «مها»، أنها بدأت بتدريب الابن الأصغر من رحمة بعامين، واقترحت عليها الالتحاق باللعبة رغبة منها في اجتيازها حالة الانطوائية التي تتسم بها منذ الصغر، ليبدأ شغفها باللعبة في عمر الـ9 سنوات حتى أذهلت مدربيها، والتحقت كأول كفيفة باللعبة بالسويس مع أقرانها من الأطفال العاديين.
بطولات وإنجازات
بدأت طالبة السويس «رحمة أحمد محمد»، 16 عاما وطالبة بالثانوية العامة، بحصد البطولات بعد أن استمرت هي وتخلى أخيها عن اللعبة، إذ حصلت على المركز الأول في جميع بطولات الجمهورية للكارتيه التي شاركت بها ماعدا بطولة واحدة حصدت ثاني الجمهورية.
والدة رحمة: بتحب تعمل خير
وعن نجاحها في اللعبة، تابعت والدة «رحمة»: «بحمد ربنا 100 مرة في اليوم، والناس اللي كانت بتنتقد مجهودي معاها، أول ناس فخورين بيها وبيبرزوا نجاحها»، كاشفة عن دور اجتماعي لـ «رحمة» بعد أنّ أسست وأصدقائها جروب أطلقوا عليه اسم «بهجة»، لنشر السعادة فبدأوا بتوزيع الألعاب والهدايا على الأطفال بكورنيش السويس، ثم وزعوا الهدايا بدار للمسنين ولأهالي الشهداء، وعن أحلامها تكشف والدة رحمة عن رغبة ابنتها بمقابلة الرئيس السيسي الذي يولي أهمية كبرى للقادرون باختلاف.