أكدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية غياب دراسة وطنية علمية شاملة حول ظاهرة الانتحار بالمغرب، مشيرة إلى أن تقييم الوضعية الذي قامت به سنة 2019 بخصوص السلوكيات الانتحارية أظهر أن هناك بعض الدراسات المتفرقة والمحدودة ترابيا.
وكشفت الوزارة ذاتها في هذا الإطار أن استعمال المواد الكيمائية السامة (المبيدات الحشرية) من الوسائل الشائعة المستعملة في الانتحار ومحاولة الانتحار بالمغرب؛ فيما تقدر نسبة انتشار محاولات الانتحار بحوالي 2.1 بالمائة ضمن الساكنة العامة بمنطقة الدار البيضاء، ونسبة انتشار محاولات الانتحار بحوالي 6.5 بالمائة في أوساط تلاميذ الإعداديات المغربية. كما تبين أن 12 في المائة من الجثث التي تم تشريحها بمركز الطب الشرعي بالدار البيضاء سنة 2017 كان سبب وفاة أصحابها هو الانتحار.
وأوردت وزارة الصحة، ضمن جواب عن سؤال برلماني للفريق الحركي، توصلت به هسبريس، أنه تم استشفاء 43 حالة محاولة انتحار عند الأطفال أقل من 14 سنة في ظرف سنتين بمصلحة الطب النفسي للأطفال والمراهقين التابع للمركز الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء. ومن جهة أخرى تقوم منظمة الصحة العالمية بتقديرات دورية لنسبة الانتحار بالمغرب التي تقدر بـ 7.2 حالة لكل 100.000 نسمة (2019).
وحول تطور الظاهرة بالمغرب، أشارت الوزارة إلى انخفاض معدلات الانتحار لدى كلا الجنسين ما بين 2019 و2000، إذ انخفضت من 9.9 حالة (لكل 100.000 نسمة) سنة 2000 إلى 7.2 حالة (لكل نسمة) سنة 2019.
وبحسب المصدر ذاته فإن الهدر المدرسي والخلافات العائلية والعنف الجنسي من السوابق الشخصية الشائعة عند الأطفال الذين قاموا بمحاولة الانتحار، وتم استقبالهم بمصلحة المستعجلات بمستشفى الأطفال التابع للمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط بين 2012 و2015.
وفي هذا الإطار أعدت وزارة الصحة وفق مقاربة تشاركية الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار، وتهم الشق المتعلق بالتحسيس للحد من الظاهرة، عبر تكوين قادة الرأي المؤسساتيين والجماعاتيين حول السلوكيات الانتحارية (الأئمة والمرشدين الدينيين المنظمات غير الحكومية، الفنانين ونجوم الرياضة …)، في أفق إشراكهم في حملات التحسيس والتوعية.
وأشارت الوزارة إلى الاشتغال على إعداد وتنفيذ ميثاق أخلاقي مع وسائل الإعلام من أجل التعاطي الإيجابي والاحترافي مع المعلومات والمعارف المرتبطة بالسلوك الانتحاري، وإعداد خطة إستراتيجية للتواصل حول السلوك الانتحاري، ومكافحة الوصم الذي يتعرض له الأشخاص المعنيون بهذا السلوك.
وللوقاية من هذه الظاهرة تعمل وزارة الصحة على الحد من الوصول إلى وسائل الانتحار، خصوصا المواد الكيميائية السامة، وإعداد برامج تربوية لتقوية المهارات الاجتماعية والنفسية عند الأطفال والمراهقين، وتقوية التدخلات المتعلقة بالاستماع والدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص المعرضين، وتوفير الخدمات الصحية في إطار الصحة النفسية للأشخاص المعرضين، وتحسين جودة العلاج، والتكثيف من الأنشطة الاجتماعية الجانبية بالوسط المدرسي، وتكوين المهنيين في مجال تدبير الأزمات النفسية والسلوك الانتحاري.
كما تشتغل الهيئة الحكومية ذاتها على الوقاية بعد السلوك الانتحاري (محاولة الانتحار)، عبر إحداث مؤسسات استقبال وتدبير الأزمات النفسية الاجتماعية، وخلق المؤسسات البيئية الخاصة بالمراهقين والشباب، وتحسين التدخلات والتكفل الطبي والنفسي بمحاولات الانتحار بالمستشفيات العامة.
المصدر: وكالات