في إطار برنامج المقاهي الثقافية في السجون، حل الباحث والأكاديمي سعيد بنيس ضيفا على المقهى الثقافي بالسجن المحلي بني ملال، الخميس، في لقاء فكري مفتوح مع نزلاء ونزيلات المؤسسة، حول كتابه الموسوم بعنوان: “تمَغْرِبِيتْ… محاولة لفهم اليقينيات المحلية”.
وسعيد بنيس باحث وأكاديمي بجامعة محمد الخامس الرباط، حاصل على درجة دكتوراه الدولة في العلوم الاجتماعية سنة 2006، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وعضو بمجموعة من اللجن والمؤسسات العلمية، كما أنه باحث مهتم بقضايا التنمية الجهوية والقيم الثقافية والتغير الاجتماعي، القيم والأخلاق، الهوية السياسية…، وله العديد من المساهمات العلمية الفردية والجماعية، وفق ما أورته الكاتبة أمينة الصيباري في كلمتها الافتتاحية للقاء.
في حديثه خلال اللقاء، أكد سعيد بنيس، الباحث وأستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، على أهمية هذا النوع من اللقاءات التي يحتضنها المقهى الثقافي بالمؤسسة، سواء من حيث غنى المواضيع التي يتم تتناولها، نظرا لما تكتسيه من أهمية وراهنية، وما يستتبعها من نقاش عميق مع نزيلات ونزلاء المؤسسة، فهي بحق تشكل فضاء رحبا للنقاش الجاد والمسؤول ومجالا للتكوين والتأهيل لإعادة الإدماج.
وأشار بنيس، في حديثه عن المؤلف موضوع اللقاء، إلى أن كتابه “مَغْرِبِيتْ… محاولة لفهم اليقينيات المحلية” عمل حاول يعيد إلى دائرة الاهتمام بمفهوم تمغربيت في ظل متغيرات التي عرفها ويعرفها المجتمع المغربي، وما طرأ عليه من تحولات جذرية وتفاعلات في العالمين الواقعي الافتراضي، مضيفا أن محاولته هذه تروم فهم سردية تمَغْرِبِيتْ والغوص في جدوى استيعاب اليقينيات المحلية وإعادة التأمل في بعض ملامح الشخصية والهوية المغربية.
وتابع بنيس: “تمَغْرِبِيتْ ترتبط بطريقة عمودية وأفقية بجميع مناحي حياة المغاربة داخل وخارج أرض الوطن، من خلال تصوراتهم وتمثلاتهم ومواقفهم وأفكارهم حول بوادر الشخصية المغربية ومقولة الأمة المغربية والتنوع والتعدد والقوى الناعمة والبيئة الثقافية وثنائية الرسمي والترابي والتمظهرات الهوياتية والطقوس الغذائية”، ولأن “ما يميزنا هو تاريخنا.. فتمَغْرِبِيتْ هي المظلة الثقافية لكل مغربي بغض النظر على أصله الثقافي أو اللغوي”.
وأضاف الباحث أن محاولته تروم فهم سردية تمَغْرِبِيتْ كسردية مغربية تتقاطع ضمنها اليقينيات المحلية، وأضحت خيارا استراتيجي وثقافي ومؤسساتي وسياسي ودستوري وإنساني وحضاري يقتضي تثبيتها عبر ضبط آليات التساكن وممكنات العيش المشترك وتعزيز عناصر الرابط الاجتماعي وبناء عقد مجتمعي أساسه تحقيق تنمية نوعية تزاوج بين القوى الناعمة والقوى الصلبة وتُبَوِّئُ المملكة المغربية مكانة متميزة على الصعيد الإقليمي والعالمي.
وتخللت هذا اللقاء العلمي قراءات أعدها النزلاء المشاركون حول كتاب “تمَغْرِبِيتْ محاولة لفهم اليقينيات المحلية” للأستاذ سعيد بنيس، تناولت في مجملها المنطلقات الفكرية التي تأسست عليها سردية تمغربيت، والعناصر المؤسسة لها، وتحدثت عن العلاقة التي تجمع بين تَمَغْرِبِيتْ كهوية جامعة للمغاربة ضمن تقاطعات اليقينيات المحلية في زمن العولمة، والتمظهرات الهوياتية لتَمَغْرِبِيتْ…
وفي معرض تعليقه عن قراءات النزلاء، أوضح بنيس أن الكتاب هو محاولة لتسليط الضوء على مجموعة من التمظهرات المرتبطة بتمَغْرِبِيتْ، مشيرا إلى بعض النماذج المتجذرة والمتداولة بجهة بني ملال خنيفرة من خلال مكون اللغة والتنويعات الترابية؛ فاللغات مختلفة والثقافة واحدة. إن تَمَغْرِبِيتْ، حسب بنيس، بيئة قيمية للعيش المشترك ومبدأ للتعدد والتنوع تحيل على فرادة المغاربة ووحدتهم. كما أنها دليل قيمي ومرجعية استشارية للفاعلين السياسيين والاقتصاديين للتفاعل مع اشكالات التنمية.
جدير بالإشارة أن برنامج المقاهي الثقافية بالسجون فكرة أطلقتها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج منذ سنة 2017 في إطار الجيل الجديد من البرامج التأهيلية، التي يتم من خلالها تمكين نزيلات ونزلاء المؤسسات السجنية من لقاءات مع رجالات الثقافة والفن والعلم، وعيا منها بضرورة اعتماد وسائل ناجعة ترمي إلى تحقيق التكامل بين البرامج الثقافية والفكرية وبرامج تأهيل السجناء لإعادة الإدماج وتطوير مجال انفتاح السجين على العالم الخارجي تمهيدا لإدماجه فيه.
المصدر: وكالات