علاقات و مجتمع
في الصباح الباكر، ترتدي خوذة الـ«سكوتر» وتتجول في أزقة الشوارع، لتوصيل الطلبات من السوبر ماركت إلى المنازل، أو المأكولات من المطاعم إلى أصحابها، متحدية في ذلك نظرات المجتمع، ما بين السخرية والإستهزاء، وبين نظرات الشفقة كونها امرأة كادحة، تعمل من أجل الحصول على «لقمة العيش».
نجلاء فتحي، تبلغ من العمر 26 عامًا، بدأت بالعمل في مجال توصيل الأوردرات منذ عام ونصف، عانت خلالها من أحاديث الناس، معتقدين أن المهنة حكًرا على الرجال، لتثبت لهم قوة المرأة، وقدرتها على ممارسة أي وظيفة لطاما كانت تكتسب المال بطريقة شريفة.
«نجلاء» تعمل في مهنة توصيل الطلبات
تحكي «نجلاء» في حوارها لـ«هن»، أن زوجها توفى عنها، وسنها 24 عامًا، لذا قررت أن تبحث عن عمل يعينها على مشقة الحياة، لتتمكن من تحمل مسؤولية النفقة على طفلتها الصغيرة، والتي لازالت في المرحلة الابتدائية، وفقًا لها: «بعد وفاة زوجي محبتش أتجوز رغم صغر سني، وأخلي حد غريب يصرف على بنتي، فبدأت أتعلم السواقة، عشان ما أحتاجش لحد».
في بداية الأمر، رفض أصحاب المطاعم وشركات التوصيل، أن تعمل معهم «نجلاء»، فاتجهت إلى التعاون مع سيدات يبعن مستحضرات التجميل، ومنتجات العناية بالبشرة، ثم عملت في توصيل الملابس، وطلبات من السوبر ماركت لربات البيوت وفقا لحديثها لـ«هن»: «كل المطاعم كانت بتقولي مينفعش تشتغلي عندنا عشان إنتي ست، ولكن أنا كنت بحب اللي بعمله، طول ما أنا بصرف على نفسي وبجيب فلوس حلال».
«نجلاء» أجدع دليفري في منطقة الخانكة
لم تكتفِ ابنة محافظ القليوبية بهذا، إذ تعلمت القيادة في أقل من يوم، بالإضافة إلى الميكانيكا، للتعامل سريعًا مع المشاكل التي قد تواجهها في أثناء عملها بالشارع: «أهلي شجعوني إني أعمل اللي بحبه، وصديقتي علمتني السواقة، وفي أقل من ساعة قدرت أخرج بالاسكوتر لأول الشارع لوحدي، وعشان رجالة كتير رافضة تساعدني، فخفت أحتاج لصيانة، فاتعلمت إزاي أصلح الاسكوتر بتاعي لوحدي».
تشعر بالحرية، فلا يوجد من يتحكم بها، فبعد رحيل زوجها، أصبحت الأم والأب، تواجه الصعوبات بمفردها: «رغم تعب ضهري طول اليوم من الشغل، إلا إني كنت بحس براحة ورضا، لإني بجيب فلوس حلال وبتحمل مسؤولية نفسي، وشهرتي أجدع دليفري».