تلك القصة المُلهِمة بطلتها زانة بنت علي بن ظافر الجعيدي العَمري (ابنة قرية الحتار من قبيلة كعب بني عمرو)، التي تزوجت من مهدي الخشرمي منذ ما يزيد على ثلاثة عقود.. ومع أن الله تعالى لم يهبهما الولد إلا أنه رزقهما المودة والرحمة والوفاء.. كان ذلك ولا يزال وجه العشرة المشرق بينهما وإن قَتَمَ الزمن وعبس وبسر.
أما حكاية مهدي باختصار؛ فقد أصيب بجلطة أقعدته في كرسي المعوقين منذ سبعة أعوام.. أصبح لا يقوى على شيء.. وكان هذا الحدث عميق الألم في دنيا تحالفت فيها منغصات الحياة.
لم يكن أمام زانة إلا البر والصمود، والقوة والاحتساب.. انبرت تلك الألمعية لتمريض زوجٍ عظَّمته بإيمان من خالقها ثم بيقين لحقه عليها كزوجة.. رفضت إسناد مهمة رعاية زوجها لغيرها.. تحولت، إضافة لكونها زوجة، إلى طبيبة وممرضة وخادمة.. جعلت من منزلها مشفى تأهيلياً مصغَّراً.. فسجلت بذلك نُبلاً مخلوطاً بقيمة التفاني ومعجوناً برد الفضل.. كانت مكيالاً يفيض بكل الثوابت المتجذرة في أسرتها «آل الجعيدي».
لم تكن قصة زانة مع مهدي الوحيدة محلياً ولا حتى عالمياً؛ لكنها طراز فريد زاخر بالإيثار والمروءة والقدوة لغيرها من بنات جنسها؛ فكان ذلك الثناء والتثمين من قبيلة زوجها.. هذا الصنيع بين ولاء ابنة قبيلة «العمري» ووفاء أبناء قبيلة «خشرم» أمرٌ سوف يُخلِّده تاريخ عسير.
أملنا في رجل المبادرات الإنسانية والمواقف النبيلة، أمير المنطقة الأمير تركي بن طلال، تكريم تلك الوفيَّة النقيَّة بما تستحق كامرأة عسيرية متجذر فيها الوفاء السعودي، لتكون قدوة لغيرها من الزوجات.