الجزائر/ عباس ميموني/ الأناضول
** النائب علي ربيج للأناضول:
– هذه التشريع ليس إعلان حرب كما اعتقد كثيرون بل نص تنظيمي عادي جاء تماشيا مع المادة 99 من دستور 2020
– كان من المفترض أن تحيل الحكومة هذا التشريع إلى البرلمان في 2021 أو 2022 لكن ذلك تأخر لأسباب نجهلها
– هذا التشريع يجعل من الدولة ومقدراتها وإمكانياتها البشرية والمادية في خدمة الاستراتيجية الدفاعية في وقت الحرب مثل كل دول العالم
– العقيدة العسكرية للجزائر دفاعية وليست هجومية ومن مبادئ سياستها الخارجية تغليب الحلول السلمية للأزمات والنزاعات
عرض وزير العدل الجزائري لطفي بوجمعة، مساء الأربعاء، أمام البرلمان، مشروع قانون يتعلق بالتعبئة العامة، وذلك بعد أن أثار جدلا واسعا حول دوافعه وأبعاده، خاصة في ظل سياق إقليمي متوتر.
وكان التشريع عُرض أمام مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، في 20 أبريل/نيسان المنصرم، حيث تمت المصادقة عليه، قبل إحالته إلى البرلمان لمناقشته والتصويت عليه في جلسات عامة.
وأثار مصطلح “التعبئة العامة” جدلا واسعا في الأيام القليلة الماضية، نتيجة الخلط بينه وبين “تفعيل التعبئة”، وهو إجراء آخر ينظمه قانون خاص.
وزاد من حدة الجدل التوتر المتصاعد في علاقات الجزائر مع دول كفرنسا ومالي، إضافة إلى السياقات الجيوسياسية المتوترة دوليا، وهو ما جعل البعض يرجح فرضية استعداد البلاد لإجراءات دفاعية خاصة.
لكن خبير سياسي جزائري اعتبر في حديث مع الأناضول، أن مناقشة مشروع القانون حاليا لا يعني إعلان الحرب، بل هو استكمال لفراغ تشريعي تأخر سده.
** استكمال دستوري
ويأتي المشروع لسد فراغ تشريعي ظل قائما منذ إقرار دستور 2020، الذي نصّ في مادته 99 على سلطة رئيس الجمهورية بإعلان “التعبئة العامة” في حالات استثنائية، بعد الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني، دون أن يُتبع حينها بنص قانوني يُنظم العملية.
وفي ديباجته، يوضح مشروع القانون، الذي حصلت الأناضول على نسخة منه، على أن الهدف منه “تحديد الأحكام المتعلقة بتنظيم وتحضير وتنفيذ التعبئة العامة المنصوص عليها في المادة 99 من الدستور”.
كما يشير إلى أنه يُكمل المنظومة التشريعية والتنظيمية التي تحكم المجال، خاصة بعد صدور قانون الاحتياط العسكري في أغسطس/ آب 2022.
ويؤكد أنه يندرج في إطار “مساعي الدولة الرامية إلى تعزيز الطاقة الدفاعية للأمة لمجابهة أي خطر محتمل يهدد استقرار البلاد، واستقلالها، وسلامتها الترابية”.
** ما المقصود بالتعبئة العامة؟
يتضمن المشروع 69 مادة موزعة على 7 فصول، ويُعرّف في مادته الثانية التعبئة العامة بأنها “مجموعة التدابير الواجب اتخاذها لضمان أعلى فعالية في انتقال القوات المسلحة وأجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية، وكذا الاقتصاد الوطني، من حالة السلم إلى حالة الحرب، ووضع القدرات الوطنية تحت تصرف المجهود الحربي”.
وتهدف التعبئة العامة إلى “تعزيز الطاقة الدفاعية للأمة ورفع قدرات القوات المسلحة، من خلال وضع الوسائل البشرية والمادية والموارد الضرورية تحت تصرفها، بما يمكنها من أداء مهامها في الدفاع عن وحدة البلاد وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي والبحري في أفضل الظروف”.
وتنص المادة الخامسة بوضوح على أن التعبئة العامة تُقر من طرف رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء إذا كانت البلاد “مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها، أو في حالة وقوع عدوان فعلي عليها أو يوشك أن يقع”.
** استراتيجية ومخططات
ووفق المشروع، يُقرّ رئيس الجمهورية، بصفته وزير الدفاع الوطني، الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالتعبئة العامة، ويشرف على جميع الأنشطة المرتبطة بتحضيرها وتنفيذها.
فيما تُعدّ كل وزارة مخططاتها الخاصة في إطار الاستراتيجية العامة، على أن تتولى وزارة الدفاع إعداد المخطط العام للتعبئة.
وينص المشروع على أن أجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية، إلى جانب القطاعين العام والخاص، تواصل أداء مهامها بصفة عادية، مع إيلاء “أولوية نشاطاتها لاحتياجات القوات المسلحة”.
ويترتب على تنفيذ التعبئة العامة، وفقا لنص المشروع، “انتقال القوات المسلحة من حالة السلم إلى حالة الحرب”، مع “تعليق إنهاء الخدمة بصفة نهائية لجميع المستخدمين العسكريين في الجيش الوطني الشعبي، وإعادة استدعاء عسكريي الاحتياط”.
كما يُنصّ على تشكيل احتياطات خاصة من طرف الوزارات، إلى جانب القيام بحملات توعية للمجتمع المدني والمواطنين بشأن واجب التزامهم ومساهمتهم في إنجاح التعبئة العامة.
ويتم أيضا تعليق الإحالة على التقاعد بالنسبة للموظفين والعمال الذين يشغلون مناصب ووظائف لها صلة باحتياجات التعبئة.
** عقوبات للمخالفين
على صعيد آخر، يتضمن مشروع القانون جملة من الأحكام الجزائية بحق كل من يخالف مواده، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا.
وتصل أقصى العقوبات إلى السجن لـ10 سنوات، وتُطبق على كل من “يستغل لصالحه أو لصالح الغير، بشكل غير قانوني، الممتلكات العامة أو الخاصة التي تم تسخيرها في إطار التعبئة العامة، أو يسيء استخدام سلطة التسخير المخولة له”.
كما يعاقب بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات كل من “يفشي، بأي وسيلة كانت، معلومات تتعلق بتحضير أو تنفيذ التعبئة العامة”.
** “ليس قانون إعلان حرب”
وفي تعليقه على المشروع، قال النائب وأستاذ العلوم السياسية علي ربيج، للأناضول، إن هذه التشريع “ليس إعلان حرب كما اعتقد كثيرون”، بل هو نص تنظيمي عادي جاء تماشيا مع المادة 99 من دستور 2020.
وأضاف ربيج، قائلا: “كان من المفترض أن تحيل الحكومة هذا التشريع إلى البرلمان في 2021 أو 2022 لكن ذلك تأخر لأسباب نجهلها تخص الحكومة”.
وأوضح أن هذا التشريع “يجعل من الدولة ومقدراتها وإمكانياتها البشرية والمادية في خدمة الاستراتيجية الدفاعية في وقت الحرب” مثل كل دول العالم التي تعتمد على قوانين التعبئة في الحالات الاستثنائية أو أوقات الحرب لإدارة الأزمات.
واعتبر ربيج، أنه قد يكون منطقيا ربط مشروع القانون في الوقت الحالي بالتطورات التي يعرفها محيط الجزائر خاصة منطقة الساحل الإفريقي، “لكنه يظل إشارة بأنه ينبغي على الدولة الجزائرية أن تكون مستعدة لمواجهة أية أخطار أو تهديدات خارجية بما فيها حالات الحرب”.
وتابع: “ليس بالضرورة وقوع حرب حتى نمضي إلى إعداد هذا التشريع”.
النائب في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) لفت إلى أن مشروع القانون، تزامن فقط مع أزمة مع مالي وفرنسا، ومع توتر دائم تقريبا مع المغرب.
وشدد على أن العقيدة العسكرية للجزائر، دفاعية وليست هجومية، ومن مبادئ سياستها الخارجية، تغليب الحلول السلمية للأزمات والنزاعات والخلافات.
وأشار ربيج، إلى أن الجزائر تقدم نفسها على أنها دولة منخرطة في جهود تكريس الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات