تحل غدا الذكرى الـ 62 للرحلة البشرية الأولى للفضاء، في الوقت الذي تبرز فيه تجربة الإمارات في مجال الفضاء التي أدهشت العالم بالنظر لحجم الإنجازات التي سطرتها في وقت قياسي.
ومنذ بدء الألفية الثالثة لم يخل الفضاء الخارجي من أثر إماراتي سواء الأقمار الصناعية التي بدأت الإمارات بإرسالها منذ العام 2000 مع إطلاق «الثريا1»، أو على مستوى رواد الفضاء حيث وصل إثنان من أبنائها إلى محطة الفضاء الدولية، فيما يستعد المستكشف راشد للهبوط على سطح القمر بعد أن سبقه مسبار الأمل في الوصول إلى المريخ قبل نحو عامين.
وبرهنت الإنجازات الإماراتية في مجال استكشاف الفضاء على نجاح رهانها في صناعة جيل قادر على تعزيز ريادتها وحجز مقعد في قائمة كبار صناع قطاع الفضاء حول العالم.
وشهد العالم في 12 أبريل 1961 حدثا تاريخيا مع انطلاق رائد الفضاء السوفيتي يوري غاغرين في أول رحلة بشرية إلى الفضاء الخارجي ليفتح بذلك السبيل أمام استكشاف الفضاء لما فيه نفع الإنسانية.
ولا يمكن الحديث عن هذه المناسبة دون أن يتبادر للذهن اسم رائدي الفضاء الإماراتيين هزاع المنصوري وسلطان النيادي، الذين سطرا إنجازات غير مسبوقة باسم الإمارات حيث كان هزاع أول رائد فضاء إماراتي يصل إلى محطة الفضاء الدولية ويمضي فيها 8 أيام حافلة بالتجارب العلمية، فيما يواصل سلطان رحلته التاريخية إلى المحطة نفسها حيث سيقضي مهمة لمدة 6 أشهر ليصبح أول رائد فضاء عربي يحقق هذا الإنجاز.
وتستعد الإمارات بعد أيام قليلة لإضافة إنجاز جديد لسجلها الحافل في مجال الفضاء وذلك مع اقتراب هبوط المستكشف “راشد” الذي تم تصميمه وإنجازه بأيادٍ وطنية بنسبة 100 بالمئة، على سطح القمر أواخر إبريل الجاري ضمن أول مهمة عربية لاستكشاف القمر.
وسيهبط المستكشف راشد في منطقة «ماري فريغوريس»، وتحديداً منطقة «فوهة أطلس» كموقع هبوط رئيس، فيما يعد هذا الموقع آمناً ويقدم قيمة علمية مهمة، حيث يمكن لفريق المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء توجيهه بحسب سهولة التضاريس وصعوبتها وأهمية المنطقة المراد استكشافها، وسيتحرك المستكشف على سطح القمر.
ويشكل موقع هبوط المستكشف راشد أهمية كبرى ليس للإمارات فقط، بل للعالم أجمع، لكونه موقعاً لم تصله أي بعثات علمية سابقاً، ما يجعل الإمارات سبّاقة في توفير إجابات للبشرية، حيث تم اختيار فوهة أطلس، الواقعة عند 47.5 درجة شمالاً و44.4 درجة شرقاً، على الحافة الخارجية الجنوبية الشرقية لمنطقة ماري فريغوريس، أو ما يُعرف بـ«بحر البرد» الواقعة أقصى شمال القمر.
وتفخر الإمارات اليوم بأن كوادرها الوطنية شكلت “كلمة السر” في نجاح مهام فضائية بارزة مثل مهمة مسبار الأمل الإماراتي ووصوله إلى المريخ بفضل جهود نحو 200 مهندس وباحث من شباب الدولة الذين نفذوا المطلوب منهم في 6 سنوات فقط منذ ولادة الفكرة إلى انطلاق المسبار.
وفي السياق ذاته، دخلت الإمارات في أكتوبر 2018 مرحلة التصنيع الفضائي الكامل وذلك مع إطلاق “خليفة سات” الذي تم تصميمه وتصنيعه من خلال مركز محمد بن راشد للفضاء بأيدٍ إماراتية 100بالمئة.
وبلغ عدد فريق تصنيع “خليفة سات” 70 مهندسا إماراتيا تراوحت أعمارهم ما بين 27 و28 سنة، فيما وصلت مدة التصنيع ٤ أعوام حيث بدأ العمل به في أبريل 2014، وقد سجل فريق العمل خلال تلك المدة 5 براءات اختراع.
وتعتمد الإمارات منذ بداية برنامجها الوطني للفضاء على الشباب الإماراتي والكوادر الوطنية في التخطيط وتنفيذ مهام البرنامج، حيث تواصل العمل على تدريب وتأهيل تلك الكوادر بالمعرفة والخبرات اللازمة لإدارة هذا المشروع الوطني الطموح.
ويعد برنامج الإمارات لرواد الفضاء الذي أطلق عام 2017 محوراً جوهرياً في تحقيق هذه الرؤية الطموحة، إذ يهدف إلى بناء قاعدة معرفية وطنية من شباب وشابات الإمارات تعتمد عليهم الدولة لقيادة مشروعاتها المستقبلية المتقدمة في مجال الفضاء.
و تواصل الإمارات العمل على مهمة بناء مركبة فضائية تقطع رحلة مقدارها 3.6 مليار كيلومتر تصل خلالها كوكب الزهرة وسبع كويكبات ضمن المجموعة الشمسية وتنفذ هبوطاً تاريخياً على آخر كويكب ضمن مهمة علمية تستمر خمس سنوات تمتد من عام 2028 حتى عام 2033.
ويستكشف المشروع الفضائي الإماراتي الجديد، الذي يعزز المسيرة التنموية العلمية ويرسخ مكانة دولة الإمارات في مجال استكشاف الكواكب والفضاء العميق، أسرار تشكّل المجموعة الشمسية.
ويتضمن المشروع الفضائي الجديد إرسال مركبة فضائية لاستكشاف كوكب الزُّهَرَة وحزام الكويكبات داخل المجموعة الشمسية، وسيستغرق تطوير المركبة 7 سنوات، على أن تكون جاهزة للانطلاق في رحلتها الفضائية، ضمن نافذة إطلاق تحدد لها بداية 2028.