علاقات و مجتمع
هل صحيح أن الأقدار تتغير في ليلة القدر؟ سؤال يرغب عدد كبير من المسلمين في معرفته خلال العشر الأواخر من رمضان، من أجل تكثيف الدعاء والإلحاح على الله باستجابة الدعاء وتحقيق أمنياتهم وأحلامهم، فمنهم من يدعي بالزوج الصالح والذرية الصالحة، ومنهم يدعوا بالشفاء من الأمراض، وجلاء الهموم.
لذا تستعرض «هن» خلال التقرير التالي إجابة واضحة عن سؤال هل صحيح أن الأقدار تتغير في ليلة القدر، إذ ينتظر المسلمون حول العالم ليلة القدر في شغف، حالمين بتغيير واقع، أو بتحقيق حلم جميل.
هل صحيح أن الأقدار تتغير في ليلة القدر؟
قال رئيس لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، سعيد عامر، في أحد اللقاءات التلفزيونية، ردا على سؤال هل صحيح أن الأقدار تتغير في ليلة القدر، إن بركة الدعاء في ليلة القدر، بإمكانها أن تغير الأقدار المكتوبة للعبد، فإن المسلم إذا أخلص في الدعاء بكل ما يريد من الله عز وجل، فإن الله يرزقه ما تمنى، إذ أن الله يأمر ملائكته أن ينحو من أقداره أخد المصائب او الابتلاءات، وتبدل بالخير وكل ما يرغب فيه إذا كان في الحدود الشرعية.
وأضاف رئيس لجنة الفتوى، أن المسلم عليه أن يغتنم فضل ليلة القدر، ويضاعف دعاؤه، ويتذلل في خشوع لله تعالى، داعيا أن يستحيب دعاؤه، ويمحي ذنوبه، ويطهره من المعاصي، ويهديه إلى سبل الخير، والأعمال الصالحة، ولا ينسى نصيبه من الدنيا، فيدعو بالزواج الصالح والذرية الطيبة، والحياة الهنيئة في الدنيا والآخرة.
أدعية مستحب ذكرها في العشر الأواخر من رمضان
وبالنسبة لسؤال هل صحيح أن الأقدار تتغير في ليلة القدر، ذكر «عامر»، ببعض الأدعية التي من المستحب أن يذكرها المسلم في تلك الليلة المباركة، ومنها ما يلي:
اللهم اجعلني من الطائعين ولا تجعلني من الأشقياء.
اللهم اجعلني من السعداء وباعد بيني وبين الأمراض والابتلاءات كما باعدت بين المشرق والمغرب.
دار الإفتاء تجيب عن هل الدعاء يغير القدر
ذكرت دار الإفتاء المصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي الرسمية الخاصة بها، عن السؤال الذي يراود الكثير من المسلمين عن هل صحيح أن الأقدار تتغير في ليلة القدر، أن الدعاء يعد عبادة مشروعة، وللمؤمن أن يدعو بما شاء من خير أمور الدنيا والآخرة؛ لقول الله تَعَالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، وقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
لا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلا الدُّعَاءُ
وكما علمنا النبيّ صلى الله عليه وسلم، كيف ندعو الله تعالى ونتأدب في الدعاء معه سبحانه ونسأله بضراعة وخضوع، وعلمنا أن نثق بالله تعالى عند الدعاء، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (لا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلا الدُّعَاءُ، وَلا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلا البِرُّ) رواه الترمذي.
ادلالة على باب من أعظم أبواب الخير والعبادة
وأضافت دار الإفتاء عن سؤال هل صحيح أن الأقدار تتغير في ليلة القدر، أنه ينبغي التنبه إلى أن المراد من هذا الحديث هو الدلالة على باب من أعظم أبواب الخير والعبادة، وهو الدعاء، وليس المعنى أن قضاء الله الأزلي يتغير ويتبدل، بل المراد أن أدعية الخلق وحاجاتهم وما يكون من أحوالهم كلها مقدرة عند الله تعالى، مقضيّ فيها بقضاء أزلي لا يتغير، وهو إرشاد للعباد أن لا يسأموا من العبادة والدعاء، لأنها مفاتيح الخير الدنيوي والأخروي، فالعبد يدعو الله عز وجل بأن يرزقه الزوجة الصالحة، ويخلص في دعائه ويتذلل لله تعالى، ولا يدري أين القضاء المبرم، فهو يوكل جميع أمره لله عزّ وجل.
وأوضحت دار الإفتاء، أن الله سبحانه وتعالى أشار إلى هذا المعنى في قوله عز وجل: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39]، ثم إن العبد لا يطلع على الغيب ولا يعلم ما كتب الله سبحانه وتعالى عليه، فعليه أن يدعو الله تعالى تعبداً بالدعاء، وامتثالاً لأمره عزّ وجل.
و بين الإمام المحدث ابن فورك رحمه الله تعالى هذا المعنى، حيث قال: روي أنه قال صلى الله عليه وسلم: إن القضاء والدعاء يتعالجان، وما روي أنه قال: الصدقة تدفع القضاء المبرم، ومعنى هذه الأخبار كلها على نحو ما ذكرنا، وهو أن يكون السابق في العلم مما يحدث في المستأنف أنه إذا دعا صرف عنه البلاء، وكذلك إذا تصدق، لا أنه يكون المعلوم في الأزل وصول البلاء إليه، ثم إذا حصل الدعاء تغير المعلوم، لأن ذلك يؤدي إلى أن لا يكون ذلك في الأزل معلوماً ولا قضاء، وذلك محال” [مشكل الحديث وبيانه 1/ 312].
فالمؤمن يدعو امتثالاً لأمر الله ويتداوى امتثالاً لأمر الله، وله على ذلك الثواب، وأما النتائج فأمرها إلى الله تعالى، وكل عاقل مؤمن صاحب تجربة يلمس أثر الدعاء كما يلمس أثر الدواء، بل إن المؤمنين الصادقين يتوصّلون بالدعاء إلى ما تعجز عنه الوسائل المادِّية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.