علاقات و مجتمع
قبل عدة أيام، قررت ندى ظلام، صاحبة الـ 29 عاما، الخروج بمواقع التواصل الاجتماعي، تدون موعد وفاتها، عبر صفحتها الشخصية، بعدما أخبرها طبيبها المعاج بإن السرطان انتشر في جسدها، وإن لا جدوى للكيماوي، مؤكدة إنها لن تبقى على قيد الحياة في غضون أسبوعين أو 3 أشهر بالكثير بحسب ما أكده لها طبيبها، مُعلقة: «وصلنا للنهاية».
كلمات قاسية باتت تدوي بمواقع التواصل الاجتماعي، لاحقتها دعوات صادمة بدوام الصحة وطيلة العمر، إلا أن القدر لم يلهما لتسقط ضحية السرطان أمس، وتلفظ «ندى» أنفاسها الأخيرة، تاركة زوجها الذي تحدى الخبيث وأتم زفافهم وأسرتها وأصدقائها في حالة صدمة.
ندى ظلام، الفتاة السورية التي تعاطف معها الرواد حول العالم، بعدما توفيت خلال تواجدها في السويد، كُسرت فرحتها وحماسها بزفافها، ففي الوقت الذي ذهب خطيبها لشراء فستان زفافها قبل العُرس بأسبوع كانت تتلقى هي صدمة إصابتها بالخبيث، لتقرر وقف الزيجة الأمر الذي رفضه خطيبها حينها، إذ قرر مرافقتها رحلة العلاج قبل أن تتركه وترحل عن عالمنا.
«ندى» محاربة السرطان.. اكتشفوه قبل فرحها بأسبوع
قصة من الألم والأمل، بين الوجع والحب، دونتها «ندى ظلام» محاربة السرطان، منذ عام، تكشف فيها عن أصعب موقف في حياتها، مدونة: « قبل بأسبوع من عرسنا من سنة تقريباً، وبعد انتظار 9 ساعات بالمستشفى الدكتور قالي: (ندى معك سرطان والحالة متقدمة وخطيرة) ولكن أكتر شي فرحني إني اكتشفت قوة إيماني بربنا سبحانه وتعالى .. دكتور الإسعاف متلبك وهو عم يقللي الخبر وانا بابتسامة عم ردد الحمد لله لإني مؤمنة ان الله بعتلي هدية، الابتلاء هدية وفرصة من ربنا لنقرب منه أكتر ونصبر ونتأمل كل الخير منه سبحانه وبالتالي يغفرلنا ذنوبنا ويرفع من درجاتنا».
في اللحظة التي كان يحضر فيها العريس فستان الزفاف، تلقت العروس الصدمة: «أحمد كان بتركيا بيشتريلي فستان العرس وأنا هون عم انتظر موعدي مع أخصائية الأورام اللي مع الأسف عطتني أخبار أسوء، إن الأورام منتشرة بـ 7 أعضاء منها الرحم والمبايض، قوتي ما أسعفتني وقت سماع هالخبر وفقدت القدرة كلياً على التحكم بدموعي لما سألتني الدكتورة عن أحمد وقلتلا هو وين، كان باقي ٣ ايام عالعرس وهاد اللي خلاني حاول مع أحمد انو يشوف حياته مع حدا تاني ، شعوري بالذنب انه ممكن ما يصير عندو ولاد بسببي كان المسيطر، لكن طبعاً رفض وتزوجنا».
حب وشهامة تُكتب بالقصص والرويات كان بطلها الزوج، بحسب مع وصفته: «خلوني احكيلكن عن دور أروع إنسان بالإمتحان، وهو أحمد، الابتلاء ابداً مابيكون لشخص بعينه بل بيكون لكل اللي حواليه ..وبما اننا ساكنين سوا فأحمد كان الدفاع الأول بهالمعركة..بالرغم من انه خسر سنة من جامعته بسببي كونه عم يدرس قبطان أعالي البحار والمفروض يطلع تدريب على السفينة 3 مرات كل مرة لـ3 شهور متواصلة .. بس ما كان يرضى يروح ويتركني..هاد غير شغله اللي تأثر بالليالي اللي قضيناها بالمستشفيات ..أحمد آخد معي دور الأم اللي بس ابنها يفيقها بالليل وهو موجوع بكل حب بتعطيه الدوا وبتستناه لينام.. وقدر فوق خوفه عليي ..و شوفته الي وانا عم اتعذب قدامه .. انو يعطيني كل الاهتمام اللازم .. كل الأدوية.. كل القوة.. كل الحب.. كل الايمان بالله والتفاؤل بالخير».
الخوف من عدم الإنجاب كان المسيطر على الأطباء إذ اقنعوها بتجميد البويضات: «انا مابعرف اذا الله كاتبلنا يصير عنا ولاد او لأ..بس نحن راضيين باللي ربنا كاتبه أياً كان ..وأنا ممتنة عالنعمة اللي ربنا بعتلي ياها.. بيقولو انو الناس بتنكشف بالمواقف..وهاد الابتلاء كشفلي انه أصيل ..و رجل بكل ماتحمله الكلمة من معنى..انتا نعمتي يا أحمد الله يحميلي ياك».
الفقيدة تدون موعد موتها على الفيسبوك
وكانت «ندى» كتبت آخر كلماتها مدونة موعد رحيلها، عبر «الفيسبوك» قائلة: «وصلنا للنهاية ..هكذا بدأ طبيبي الأورام الحديث بعد أن قرر أن يوقف لي العلاج.. لأنه سيضرني اكتر من ان يفيدني كونها الاورام تكبر وتنتشر بشكل هستيري والمرض أصبح شرس ولم يعد يستجب لأي علاج… حددلي الدكتور وقت لأعيش من أسبوعين لـ ٣ شهور قلت له سيبقى عندي أمل بالله انه ممكن أن يخفي الأورام بلمح البصر وسأبقى ندوش المبتسمة المتفائلة مطمئنة لقوله تعالى..(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) صدق الله العظيم»
وتابعت الفقيدة في آخر كلماتها: «أتمنى أن لا يأخذني الا وهو راضٍ عني.. مع إيماني التام أن موتي سيكون لخير .. لي ولمن حولي.،..فإنا لله وإنا إليه راجعون..وانا راضية بأي قدر رسمه الله ليى.. لأنني عندها سأكون بين يدي الله تعالى أويوجد أجمل من ذلك!؟م اكنت لأنشر هذا المنشور السلبي بعض الشيء… إلا لأنني لم أعد أملك أي سلاح لمواجهة هذا االمرض سوى الدعاء…عسى الله يستجيب لدعائي ودعائكم، رمضان كريم».
صدمة بعد وفاة «ندى» محاربة السرطان
وخلال الساعات الماضية، تحولت بعض الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى دفتر تعازي للفقيدة، فدونت شقيقتها هالة ظلام: «الله يرحمك يا روح قلبي عروستنا باذن الله بجنات النعيماشتقتي وطلبتي تكوني بجوار الله وربنا اختارك ياعمري برمضانربنا يجعلك بمنزلة الصابرين المحتسبين والله كلنا بنشهد انك كنتي صابرة ومحتسبة باذن الله مع الشهداء والصابرين بجنات النعيم»
وتابعت شقيقتها الأخرى، لميس ظلام: «إنا لله وإنا إليه راجعون، بحبك ياعمري بحبك ياقطعة من روحي، الله يكون معك ياعمري، أختي ورفيقة روحي وأيامييا أحلى نعمة الله عطاني ياها بهالدنيا كنتي السند والدعم بكل شي صعب عشتو الله يهون عليكي متل ماهونتي عليي بوجودك جنبي كل هالعمر ماتخيلت انو يجي هاليوم وتروحي قبلنا وودعك هيك على بكير كتير لسى ما شبعت منك تعذبتي كتير وتوجعتي كتير وصبرتي ورضيتي الحمد الله هالشي الوحيد اللي مصبرني على فراقك انك رح تنامي من غير هالوجع ومن غير هالعذاب نامي ورتاحي ياعيوني انتي يا أحلى عروس».
ودون والدتها كلمات مُبكية، قائلًا: «رحلت أميرة قلبي ندى …رغم الآلام والأوجاع التي لازمتها خلال عام ونصف إلا أن الإبتسامة لن تفارقنا، رحلت من دار الفناء لترتاح في دار البقاء، نحتسب آلامها في ميزان حسناتها عند رب العالمين لتكون في جنات النعيم»