واصلت «الوطن» جولاتها الميدانية مع العشرات من الطلاب، لليوم الثاني على التوالي، لتفقد المشروعات القومية والاستراتيجية للدولة المصرية، وكانت وجهتنا تلك المرة إلى منطقة شرق بورسعيد، لزيارة مشروعات الاستزراع السمكي العملاقة، التي افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية منذ عام، وذلك في ضوء توجهات الدولة المصرية بتنظيم تلك الزيارات لشباب الجامعات للتعرف عن قرب بانجازات الدولة المصرية، ضمن مبادرة «شوف بنفسك»، والتي تنظمها القوات المسلحة بالتعاون مع وسائل الإعلام الوطنية.
الاستزراع السمكي في شرق بورسعيد
شارك في الزيارة العشرات من طلاب جامعة بورسعيد، والذين توجهوا لمزارع الاستزراع السمكي «الفيروز»، إحدى مشروعات الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، والتي تقع في منطقة شرق بورسعيد في الشرق من قناة السويس، والتي تُصنف على اعتبارها أحد أكبر مزارع الاستزراع السمكي في منطقة الشرق الأوسط.
البداية كانت بتجمع الطلاب في الجامعة منذ الصباح الباكر، ثم استقلال أوتوبيس خُصص لنقلهم من وإلى المشروع.
واستقلت «الوطن» أوتوبيس الزيارة رفقة الطلاب، والذي اشتعل منذ اللحظة الأولى لركوبهم فيه بالعديد من الأغاني الوطنية والحماسية التي أسعدت المشاركين بالزيارة، ولدى اقتراب الطلاب من عبور نفق 3 يوليو، أحد الأنفاق العابرة أسفل قناة السويس، توقف الطلاب عن الغناء تمامًا، ليتذكروا أرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداءًا لـ«الوطن».
وبدأ الطلاب في قراءة الفاتحة ترحمًا على أرواح شهداء الوطن، مؤكدين أنه لولا تضحياتهم لم يكن الأمن والأمان لمصر كلها، لتشهد مشروعات قومية عملاقة، حسبما ذكرت نهى صالح، الطالبة بالفرقة الثانية من كلية الحقوق في جامعة بورسعيد، خلال حديثها لزملائها، وهو الأمر الذي اتفقوا عليه جميعًا.
مزارع الفيروز
وواصل الطلاب رحلتهم في طريقهم إلى «مزارع الفيروز»، ولدى وصولهم، كان في استقبالهم عدد من قيادات الشركة، والذين رحبوا بهم، ثم بدأوا في شرح عدد من مشروعات الاستزراع السمكي التي تعمل عليها الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة.
والتقط المهندس محمد شادي، مدير مزرعة الفيروز للاستزراع السمكي، أطراف الحديث، مشيرًا إلى أن «المزرعة» تقع في شمال سيناء، وتحديدًا في منطقة «شرق التفريعة»، وأغلب العمالة بالمشروع من أبناء شبه جزيرة سيناء، وخصوصًا من مناطق بئر العبد، ورمانة، وبالوظة، القريبة من «المزرعة»، مشيرًا إلى أن المشروع يأتي ضمن الخطة التنموية المتكاملة للدولة المصرية لإعمار وتنمية سيناء.
وتبلغ مساحة مشروع «الاستزراع السمكي» في شمال غرب سيناء 26 ألف فدان كاملة، كما ذكر المهندس محمد شادي، خلال استقباله للطلاب، موضحًا أن الدراسات التي جرت قبيل انطلاق المشروع، أثبتت أن أرض تلك المنطقة «سبخية»، وذات ملوحة عالية لا تصلح للزراعة، كما يصعب استغلالها في إقامة المشروعات الصناعية، ومن ثم جاءت فكرة إنشاء مزارع سمكية، وهو ما تم بالفعل.
ويوضح «شادي»، أن المشروع يضم 100 قفص بحري، بالإضافة إلى أسطول متكامل، و100 مركب صيد صغيرة، فضلاً عن منطقة لوجستية لصيانة المراكب ومستلزمات الصيد.
وحسب مدير «مزرعة الفيروز»؛ فإن المشروع يضم 5002 حوض يستخدم كمزارع للمياه المالحة، و332 حوض للمياه العزبة، و24 حوض كبير للمياه متوسطة الملوحة، فضلاً عن مصنع ثلج، وعلف، وفرز، وتعبئة، ومعامل مركزية، بالإضافة لمبنى قيادة وسكني، ووقود، ومحطة معالجة مياه صرف صحي.
الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية
وانتهت الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، من استغلال 16 ألف فدان في المشروع، من أصل 26 ألف فدان مُخصصة للمشروع، في الاستزراع السمكي، بحسب «شادي»، والذي أوضح أن أنواع منتجات المزرعة تتنوع ما بين سمك بلطي وبوري وقاروص، ودنيس، وبوري، ولوت، فضلاً عن «الجمبري».
ويلفت «شادي»، إلى أن المشروع يعتبر تعظيم لاستغلال والاستفادة من مياه البحر المتوسط، موضحًا أنه أحد مشروعات الاستزراع السمكي القليلة التي تعتمد على مياه البحر في المشروع، بالإضافة لجزء قليل من مياه ترعة السلام، مشيرًا إلى أن الطاقة الاستيعابية للمشروع 3.5 مليون متر مكعب من المياه في اليوم، فضلاً عن وجود 238.8 كيلو متر من الترع لتوفير المياه، و194.5 كيلو متر للمصارف لخدمة المشروع.
ولا تتوقف البنية الأساسية التي نفذها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة لخدمة المشروع عند هذا الحد، ولكن تم تنفيذ ألف كيلو متر من الطرق، فضلاً عن أساليب هندسية لضمان عدم صرف أية مخلفات على البحر في إطار اهتمام قيادة «الخدمة الوطنية» بالبيئة، كما يذكر مدير «المزرعة».
ويشتمل المشروع، بحسب «شادي»، أيضًا، على 3 بحيرات للصيد، بمساحة 10 آلاف فدان تقريبًا، فضلاً عن 36 منزل للصيادين بطاقة تكفي لـ58 فرد في المنزل الواحد، مزودة بكل المرافق والخدمات، فضلاً عن مراكب صيد حديثة بطول 34 متر للصيد السطحي وصيد أسماك التونة.
ولا يتوقف المشروع عند هذا الحد، بل يشتمل أيضًا على 100 «قفص بحري» بطاقة إنتاجية 40 طن في القفص الواحد، وهو مشروع جديد من نوعه في مصر والمنطقة العربية، وكذلك مخزن لأعلاف الأسماك بطاقة 6 آلاف طن، ويوضح «شادي» أيضًا أن المشروع يضم معامل مركزية، بينها معمل لجودة المياه، وتحليل المسببات المرضية، والبيوتكنولوجي، ومعمل لتحليل أعلاف الأسماك، وكل هذا الأمر يهدف لتوفير أعلى جودة بما يتوافق مع المعايير العالمية بالمشروع.
وعقب «الشرح»، حرصت إدارة «المزرعة»، على اصطحاب الشباب في جولة تفقدية بداخلها، بدأت بالوقوف في نقطة مشاهدة عالية تكشف المشروع، وهو المكان الذي حرص الطلاب على التقاط صور تذكارية فيه، ثم انتقلوا لمحطات تغذية المشروع بالمياه، وصولاً لمراكب الصيد الحديثة والمجهزة؛ حيث استمعوا لشرح كامل حول آلية العمل في المزرعة، بداية من «تربية الأسماك»، وتغذيتها، وصولاً للصيد، والفرز، والتعبئة.
ويلتقط الدكتور عادل سعيد، المدير الفني لـ«مزرعة الفيروز»، أطراف الحديث، مشيرًا إلى أن قدرة المزرعة على الفرز والتعبئة تبلغ 5 أطنان من الأسماك في اليوم الواحد، و3 طن جمبري في اليوم.
وعن الطاقة الإنتاجية التي ساهمت بها «المزرعة» بعد افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسي لها، قال «سعيد»، إنها طرحت 1500 طن من مختلف الأنواع في عام 2022 وحدها، بينها 800 طن من أسماك البلطي وأسماك المياه العذبة.
ويشير «سعيد»، إلى أن أسعار منتجات الأسماك من «مزرعة الفيروز» أقل من السوق بقرابة 20%، ويتم توفيرها من منافذ ثابتة ومتحركة تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وعدد من كبار المولات في مصر، فضلاً عن معارض «أهلاً رمضان»، وتوفير كميات يومية لـ«سوق العبور»، وعدة محافظات لزيادة المعروض، وبسعر مناسب.
ويلفت المدير الفني لـ«مزرعة الفيروز»، إلى أنهم صدروا كميات من تلك الأسماك إلى دولة كوريا الجنوبية مطلع العام الجاري، مع وجود اتفاقيات مع الصين، وكوت ديفوار، ودولة ألبانيا لتصدير كميات أخرى، ومباحثات للتعاون مع دول أخرى أيضًا، كما نجحوا في تدريب متدربين من دولة بوروندي، مع إمدادهم بـ10 مراكب صيد.
وشدد على التعاون الكامل بين الشركة الوطنية، وشركات أمريكية وصينية في التعاون الفني، لتوفير بروتين عالي القيمة الغذائية، وغذاء صحي سليم مطابق للمواصفات.
وخلال مغادرتهم للمشروع، أعرب أحمد محمود، الطالب في الفرقة الثالثة بكلية الهندسة في جامعة بورسعيد، عن فخره بما شاهده في «مزرعة الفيروز»، قائلاً: «مكنتش متوقع أشوف ولا 1 على 100 من الكلام ده بيتم في وسط الصحراء بمنطقة شرق بورسعيد»، مشيرًا إلى أنه حينما تم إخطاره من إدارة الجامعة عن الزيارة كان يتخيل أنه سيجد مجموعة صيادين يعملون في مكان ما فقط، لكنه شاهد صرح ضخم إنتاجي وصناعي على أعلى مستوى.
ويضيف «محمود»، لـ«الوطن»، أن ما شاهده اليوم يجعله مؤمن وموقن بقدرة مصر على تحدي الصعاب، وأنه حال استمرار الطاقات الإنتاجية بتلك القدرات والعمل والإنجاز؛ فإن الدولة المصرية ستكون قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من مختلف المنتجات والاحتياجات.
وافقه في الرأي سيف الدين كاظم، أمين لجنة الجوالة العليا في اتحاد الطلاب بكلية الطب في جامعة بورسعيد، والذي حرص على توجيه الشكر والتقدير، للرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وللقوات المسلحة، على تنظيم حملة «شوف بنفسك»، مؤكدًا على أن تلك الحملات ستعزز الولاء والانتماء لدى الشباب، وستحفزهم على المزيد من الدراسة والإطلاع كلاً في مجاله حتى يكون رقمًا فاعلاً في تنمية الاقتصاد الوطني، وتحقيق ذاته ليكون جزء من «منظومة النجاح»، على حد قوله.
وأكدت أسماء كمال، الطالبة في الفرقة الثانية بكلية التربية النوعية قسم الحاسب، على حرصها على المشاركة في أي جولات ميدانية مقبلة يتم تنظيمها ضمن حملة «شوف بنفسك»، لما لذلك من تأثير على ثقافتها، وإدراكها للتطورات التي تجري في الدولة المصرية، والتي تتطور بوتيرة سريعة لا يتخيلها أحد.