- نسبة تأثير الإعلام المقروء انخفضت لصالح صنّاع المحتوى أو «البلوغرز» لأنهم الأقرب للغة الناس
- شركات عالمية أصبحت مثل الديناصورات تمتص دماء الشركات العربية وتأخذ مزاياها ولا تدفع لها أي مقابل
- لا بد من دراسة متطلبات الشباب لأنهم يشكّلون 60% من سكان دولنا في مصر والكويت
- التحديات التي تواجه الإعلام كبيرة ولا تستطيع مؤسسة صحافية أو حتى دولة بمفردها التصدي لها
- أخطر ما نواجهه حالياً المنصات الحديثة عالمياً التي تروج لـ 3 أمور رئيسية هي: المثلية والتطرف والإلحاد وهدفنا تحصين شبابنا من مخاطرها
- مصر بها 8 ملايين مشترك على منصة «نتفليكس» والاشتراك يوفر الخدمة لـ 4 أجهزة أي إن ثلث الشعب المصري يشاهد هذه المنصة
أسامة أبوالسعود
أكد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في جمهورية مصر العربية الكاتب الصحافي كرم جبر ان الإعلام الكويتي، وخاصة الصحف الكويتية، هو الاقرب إلى الإعلام المصري في مساحة الحريات والاستماع إلى الرأي والرأي الآخر حتى في هذا الزمن الذي يعد زمن التحديات المشتركة للإعلام وفي مقدمته الصحافة الورقية وما تعانيه من أزمات، مشددا على انها ليست ظاهرة صحافة مصرية او عربية، ولكنها ظاهرة عالمية تعاني منها العديد من المؤسسات الإعلامية بمختلف دول العالم.
جاء ذلك خلال زيارة جبر لمقر جريدة «الأنباء» يرافقه السفير المصري أسامة شلتوت وعدد من الضيوف، وكان في استقبالهم رئيس التحرير الزميل يوسف خالد يوسف المرزوق ونائب رئيس التحرير الزميل عدنان الراشد ومستشار الإدارة العامة الزميل حسام فتحي ومدير التحرير الزميل محمد بسام الحسيني.
ولفت جبر إلى ان هذه التحديات ظهرت بسبب عدد من العوامل الرئيسية كضعف التوزيع وانخفاض الإعلانات وتغير الهوية الثقافية لمستخدمي وسائل الإعلام، مشيرا إلى ان جيل الشباب يفوق 60% من تعداد السكان في مصر وفي الكويت وأغلبهم ليست لديهم ثقافة الاطلاع من الجريدة الورقية، ولكن ثقافتهم ترتبط بالموبايل والانترنت مع الانتشار الهائل لمنصات ووسائط التواصل الاجتماعي او «السوشيال ميديا» وسرعة انتشار الخبر عبرها رغم عدم مصداقيتها أحيانا.
وشدد جبر على أن الإعلام كوظيفة سيظل باقيا إلى ما شاء الله، حيث ان التحول دائما كان في الشكل، حيث بدأ الانسان بتدوين حياته واخباره عبر الكتابة على ورق البردي إلى الكتابة على الاحجار والاشجار وغيرها حتى ظهرت الطباعة وانتشار الصحف والراديو والتلفزيون والانسان مستمر في هذا التطور.
الإعلام مستمر
واضاف جبر: اذن، الإعلام سيظل باقيا، لكن التغير في الشكل، لذلك فنحن نطرح دائما السؤال التالي: ما مصير الصحافة الورقية في ظل تلك التحديات؟ والجواب ان الموضوع يحتاج إلى دراسة عملية وواقعية عما يريده الشباب من الصحافة الورقية، وما الموضوعات التي تهمه ويأمل في تسليط الضوء عليها؟
واشار إلى ان بعض الشباب في مصر قاموا بإصدار صحف متخصصة في الازياء او المجوهرات او الالعاب الالكترونية، حيث توزع اعدادا كبيرة جدا على الرغم من تكلفة الطباعة، موضحا أن هذه المجلات او الصحف يصدرها شباب وهم اكثر دراية ومعرفة بما يطلبه القارئ المستهدف من هذه الاصدارات.
وتابع: كذلك مما تعاني منه الصحف الورقية هو ان نشر الخبر في اليوم التالي مثل مباراة كرة قدم شاهدها الجميع وعرف النتيجة، إذ تقوم التلفزيونات ببث المباراة مع التحليل الكامل لها واعادة الاهداف اكثر من مرة وإبراز الأخطاء الفنية ورأي الجمهور وخلافه، بينما تصدر الصحيفة في اليوم التالي وتنشر النتيجة، أي ان خبرها اصبح «خبر بايت» كما نطلق عليه.
كبار الكُتّاب
واستطرد جبر: كيف نتخلص من ذلك؟ ليجيب: علينا ألا نتناول أي موضوعات تناولتها وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) قدر الامكان، وأن نلجأ إلى التحليل والمقالات، مشددا على ان الصحف العربية التي تروج لكبار الكتاب هي صحف معدودة، مؤكدا اهمية وجود كتاب اصحاب كلمة موزونة ولديهم مخزون من الخبرات والآراء المعبرة باحترافية عالية حتى تستطيع الصحافة او الإعلام عموما الصمود في وجه ما يمكن وصفه بـ «الثورة الخامسة» القادمة في التطور الإعلامي.
نسبة التأثير
ثم انتقل جبر للحديث عن محور آخر، وهو مدى تأثير الإعلام الرسمي او الإعلام المنظم او الصحف، حيث بين ان نسبة التأثير لم تعد كبيرة، لافتا في الوقت ذاته إلى ان بعض الشباب صانعي المحتوى او «البلوغرز» او النشطاء، لديهم مشاهدات تتعدى المليون مشاهدة للحلقة او المحتوى الواحد، فهذا الشاب الصغير سنا حجم انتشاره أكبر من مؤسسة إعلامية مكونة من 30 طابقا.
ودعا إلى ضرورة الاستفادة من هؤلاء الشباب صناع المحتوى او «البلوغرز» لأن حجم تأثيرهم كبير، ويجب أن نعترف بذلك بسبب عدة عوامل اهمها استخدام لغة الشارع العادي او المتداولة بين الناس وهي اللغة البسيطة السهلة التي يفهمها جميع مشاهديه على مختلف أعمارهم.
واشار إلى ان البعض يعتقد في كثير من الاحيان ان قوة المقال في صعوبته وتعبيراته الغامضة احيانا، مؤكدا ان الجيل الجديد اصبحت لديه لغة سهلة وقريبة من لغة الشارع، متسائلا: هل يمكن عمل تقارب بين لغة الصحافة ولغة الناس؟!
وأوضح جبر خلال اللقاء ان بعض الصحف وبعض الكتاب استطاعوا بالفعل عمل هذا التقارب بين لغة الصحافة ولغة الناس العادية التي يتحدثون بها يوميا في الشارع.
السرعة والدماء الجديدة
واستعرض كرم جبر محورا آخر من الصعوبات التي تواجه الصحافة المكتوبة وهي السرعة، حيث قال: السرعة ليست في صالح الصحف الورقية، وكذلك ضرورة ضخ دماء جديدة في الصحف، في مصر مثلا، والتي تعاني من توقف التعيينات بسبب الظروف المتعددة، موضحا ان الانترنت اصبح مشكلة في نقل المعلومة وتناقلها من الجميع دون التحقق من مصداقيتها.
حلول واقعية
واقترح كرم جبر، بعد استعراض تلك المشاكل التي تواجه الصحافة الورقية، بعض الحلول وخاصة للمؤسسات الصحافية المصرية التي تطلق كل منها 10 اصدارات او اكثر، أن تكون هناك غرفة اخبار مركزية تكون تابعة لرئيس التحرير المركزي وتضم كل الاصدارات سواء المرأة او الشباب او المسائية او غيرها، ورئيس التحرير المركزي هو المسؤول عن التنسيق بينها وتوزيع الاخبار على تلك الاصدارات التي تتحول المطبوعات من خلالها إلى «ايقونات» على البوابة الرئيسية للمؤسسة، وتكون مدفوعة بأجر يسير جدا، بحيث تصبح مثل الصحافة الذكية وفي الوقت نفسه نحافظ على الاصدار المطبوع.
واشار جبر إلى ان مهمة رئيس التحرير المركزي هي ادارة المنظومة، وعدم تكرار نشر الاخبار التي سبق نشرها في الاصدار المطبوع، وقد تم اتخاذ بعض الخطوات في هذا الاطار في المؤسسات الصحافية المصرية، لكن الأمر يحتاج إلى تغيير في العقلية والمزيد من الامكانيات والتدريب وغيرها.
واوضح جبر ان الإعلام المجاني اصبح غير مجد حاليا حتى في الولايات المتحدة واوروبا، وهناك دراسة لإحدى المؤسسات الصحافية عن اعداد العرب في اوروبا واميركا، حيث يفوق عددهم المليون عربي، فهل يمكن اشتراكهم بمبلغ نصف دولار شهريا للاطلاع على اصدارات المؤسسة؟ وهو مبلغ بسيط ولكنه يحقق عائدا مستمرا للصحيفة لتستطيع القيام بدورها.
أفكار بعيدة عنا
وشدد جبر ايضا على ان الإعلام العربي يواجه تحديات كبيرة وخطيرة ليس من داخل الدول العربية، بل من الخارج حيث تسعى منصات كبرى لتصدير محتوياتها والترويج لأفكار بعيدة عن ثقافتنا تماما، وهناك شركات عالمية أصحبت مثل «الديناصورات» تمتص دماء الشركات العربية وتأخذ مزاياها ولا تدفع لها اي مقابل.
وختم جبر حديثه بأن التحديات كبيرة، ولا تستطيع مؤسسة صحافية او حتى دولة بمفردها التصدي لها، مؤكدا أن هذه التحديات يتم طرحها ومناقشتها حاليا في اجتماعات أعمال الدورة العادية الـ 16 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب التي تستضيفها الكويت، وتــــم تقديم العديد من الآراء والتوصيات، وسيتــــم استكمالها في مؤتمر وزراء الإعلام العرب في مصر خلال يوليو أو أغسطس المقبلين.
المرزوق: تعاون وثيق بين «الأنباء» والصحف المصرية و«أ ش أ»
رحب رئيس التحرير الزميل يوسف خالد يوسف المرزوق بضيوف «الأنباء» بقوله: اهلا وسهلا بضيوف الكويت في بلدكم الثاني، مؤكدا ان هناك تواصلا دائما وعلاقات وثيقة مع السفارة المصرية وخاصة سعادة السفير أسامة شلتوت الذي نعتبره واحدا منا، مشيرا كذلك إلى ان هناك تعاونا كبيرا مع الصحف المصرية ووكالة أنباء الشرق الاوسط.
عدنان الراشد: هل تعاني الصحف القومية مثلما تعاني الصحف الخاصة؟ ..وجبر: المعاناة نفسها
خلال اللقاء، رحب نائب رئيس التحرير الزميل عدنان الراشد بضيوف «الأنباء» متسائلا: هل تعاني الصحف القومية مثلما تعاني الصحف الخاصة؟ فأجابه كرم جبر قائلا: المعاناة نفسها.
وتابع: لدينا 8 مؤسسات حكومية وهي الاهرام والاخبار والجمهورية وروز اليوسف ودار الهلال ودار المعارف، ووكالة انباء الشرق الاوسط، والشركة القومية للتوزيع، وعدد العاملين بها 22 ألف عامل تقريبا.
وأوضح جبر ان نسبة الصحافيين فيها من 15 إلى 18% والباقي عمال وادارة، لافتا إلى ان منهم 5000 اعضاء في نقابة الصحافيين، ونشأ كيان آخر هو الصحف الخاصة، وتجاوز عدد الصحافيين بها عددهم في الصحف الحكومية، أي ما يزيد على 6000 صحافي في الصحف الخاصة.
وتابع: بالطبع الدولة تدعم المؤسسات الصحافية عبر دعم الصحافيين بصرف بدل التكنولوجيا شهريا بمبلغ 3600 جنيه لنحو 11 ألف صحافي ويحصل عليه كذلك العاملون في المؤسسات الصحافية حتى يستطيعوا الانفاق على المهنة، وهناك دعم آخر تحصل عليه الصحف القومية بالتدخل لسد جزء من خسائرها من الطباعة والتوزيع.
واختتم بقوله: هناك خطط وافكار لتطوير العمل في تلك المؤسسات بشكل دائم ولكنها تحتاج إلى ميزانيات وأفكار بناءة وجديدة.
ضوابط أخلاقية ودينية وسلوكية وقيمية للإعلام
ردا على سؤال آخر لرئيس التحرير: هل تعتقد ان الصحف الورقية ستنتهي من العالم؟ قال جبر: الصحافة الورقية لن تنتهي، وعلينا كصحافيين ان نبحث عن وسيلة للبقاء في عالم «السوشيال ميديا».
وعن اجتماعات الدورة العادية الـ 16 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب، قال جبر: الاجتماعات كانت جيدة لأننا ناقشنا الكثير من الامور، وان كانت دائرة الإعلام اوسع من الصحافة، حيث ناقشنا المخاطر التي تواجه الإعلام ككل وتواجه النشء والشباب.
واشار إلى ان اخطر ما نواجهه حاليا في الإعلام عبر المنصات الحديثة عالميا هو الترويج لـ 3 امور رئيسية وهي: المثلية والتطرف والالحاد، وهدفنا هو تحصين شبابنا ضد ما تروجه تلك المنصات التي اصبحت في كل بيت.
واشار جبر إلى ان مصر مثلا بها 8 ملايين مشترك على منصة «نتفليكس» والاشتراك يوفر الخدمة لـ 4 أجهزة، اي ان ثلث الشعب المصري يشاهد هذه المنصة وما تقدمه من محتوى خطر على الشباب خاصة بعد الساعة 12 ليلا، إذ تتحول جميع افلامها إلى مشاهد ذبح وقتل وتشويه بمياه النار وغيرها من المحتويات المؤلمة والعنيفة.
وتساءل جبر: هل واضع هذا المحتوى كنوع من الفن والابداع؟! بالطبع لا، فهذه القنوات تديرها كيانات كبيرة ووراءها أهداف، وهذا المحتوى لا ينشر في المجتمعات الغربية، اذن فهو منتج مخصص لدولنا ويستهدف شبابنا، عبر تصدير أسوأ ما عندهم من ثقافات.
وردا على الحل في التعامل مع تلك القضايا، وهل يكون بإغلاق تلك المنصات؟ قال جبر: تحدثنا في هذا الموضوع والحل يكون في خطوتين، الأولى، وضع ضوابط اخلاقية ودينية وسلوكية، تلتزم بها هذه المنصات، وفي الأساس، فإن قوانين اصدار هذه المنصات تشترط عدم نشر أي محتوى يتعارض مع القوانين.