عرف عن البابا كيرلس السادس أنه رجل أمين فى حياته لدرجة كبيرة، لا يحيد عن فضيلة الأمانة، وهذا ما تجلى من خلال موقف رواه لى «عم ناجى» مقاول الأنفار، البالغ من العمر الآن ٨٦ سنة، وكان معه خمسة عمال لبناء قلالى وسور دير مارمينا بمريوط، وهذا كان عام ١٩٦٧م تقريباً، وقد أقيمت خيمتان واحدة للعمال وتخزين الأسمنت، والأخرى لإقامة البابا كيرلس وكان البابا يقيم قداساً فيها كل يوم ثلاثاء، وكانت هيئة الآثار المصرية قد وافقت على منح البابا خمسة عشر فداناً ليقيم البابا ديراً عليها على اسم مارمينا، وقد وضعت هيئة الآثار علامات حديدية تحدد المساحة، فجاء عم ناجى ومعه العمال ونقلوا العلامات مسافة مترين إلى الأمام، لضم مساحة أكبر، متغافلين عن المساحة المرصودة بالعلامات الموضوعة من هيئة الآثار، فجاء البابا كعادته من الإسكندرية بعربته القديمة، ونزل من العربية وقال: «يا ولاد.. هو فيه حد شال العلامات من هنا؟ أنا شايف إن دا مش مكانها!»، فتقدم عم ناجى وقال له ««يا سيدنا هو فيه حد شايف حاجة إحنا نقلناها لقدام والصحراء واسعة!» فقال البابا «لا رجعوا العلامات تانى وادخلوا كمان ١٠سم.. لا يجوز ما فعلتموه.. وزى ما الآثار قالت لنا ننفذ» وبالفعل نفذ عم ناجى كلام البابا وأعاد العمال العلامات كما حددتها وزارة الآثار.
كما كان لقصص البابا كيرلس السادس أثر كبير فى حياتى أتذكر قصة قرأتها عن حياته وأنا شاب أتطلع للحياة الرهبانية جعلتنى شغوفاً بأمانة البابا كيرلس فى حياته منذ صغره، فعلى سبيل المثال أنه وهو طفل صغير كان يدعى «عازر» يظل يستمع حتى وقت متأخر من الليل لأبونا القمص يعقوب البراموسى وهو يحكى فى كلام الله وأخبار آبائنا القديسين، وهنا لا يقوى عازر على مغالبة النوم فينام دون أن يدرى، وعندما كانت أسرة البابا تعد «فطير الملاك» لتوزيعه على الكنيسة بعد القداس، كان الشاب عازر لا يستنكف أو يحرج من أن يحمل «قفة الفطير» على كتفه لتوزيعها على المصلين، ونعلم أنه لم يترك وحدته فى الطاحونة رغم اعتداء اللصوص عليه ورغم حظر وجوده فيها أيام الحرب العالمية الثانية، إنه كان أميناً للغاية فى حياته، فهو صاحب المقولة «اجتهد أن تكون أميناً فى عملك واحتفظ من حيل عدو الخير».
* أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد