خلص تقرير أعده خبراء دوليون لدى مركز ناتو الإستراتيجي لإفريقيا والشرق الأوسط إلى استمرار تجنيد الأطفال في المنظمات الإرهابية الإقليمية، نظرا لظهور نزاعات جديدة وتصعيد أخرى بالمنطقة، بما يشمل الأطفال المغاربة الذين التحق أولياؤهم ببؤر النزاع، خاصة بسوريا والعراق.
وأوضح التقرير، المعنون بـ”تجنيد الأطفال في المنظمات المتطرفة العنيفة في الشرق الأوسط وإفريقيا”، أن “التقلبات السياسية” الحالية تدفع باتجاه ارتفاع عدد الأطفال المجندين بالجماعات الإرهابية، مبرزاً أن تلك الجماعات تجند الفتيات لأداء مهام محددة تتعلق بالتفجيرات الانتحارية.
وأوردت الوثيقة، التي أسهم في إعدادها كل من الباحثة مها غازي، والبروفيسور ميا بلوم، والدكتور حايد هايد، والدكتور ثوكو كايمي، وخبراء آخرين، أن العديد من العوامل الشخصية والاجتماعية والثقافية تفسّر دواعي مشاركة الأطفال في التطرف الإرهابي العنيف بالمنطقة.
وتابع المصدر ذاته بأن الحالة المغربية نموذج لكيفية تأثر الأطفال سلباً بالتطرف العنيف في المنطقة، اعتباراً للظروف الأسرية والشبكات الاجتماعية التي تسهّل عمليات التجنيد من طرف الجماعات الإرهابية المسلحة، مؤكدا أن الأسرة والمجتمعات والأقران والزعماء الدينيين تبقى في الوقت نفسه من أهم وسائل مكافحة تجنيد الأطفال.
كما أشار التقرير إلى أن الكثير من أفراد الأسر والجيران والأصدقاء والأقران سافروا من المغرب باتجاه سوريا والعراق قصد الانضمام إلى تنظيم “داعش” الإرهابي عند تأسيسه، مبرزاً أن عدد المنضمين إلى التنظيم كان يصل إلى 60 فرداً بحي سكني صغير.
لذلك، لفت مركز ناتو الإستراتيجي لإفريقيا والشرق الأوسط في هذا الاتجاه إلى أن تلك الديناميات أدت إلى ارتباط الأطفال المغاربة خلال تلك اللحظة بتنظيم “داعش” الإرهابي في ظل الظروف المعقدة، ما طرح على المغرب عدة تحديات قانونية وإنسانية ونفسية وأمنية، بما يشمل إعادة التوطين ودمج الأطفال في المجتمع المغربي.
وذكر الوثيقة بأن الأطفال المغاربة الذين سافروا مع آبائهم أو أمهاتهم إلى بؤر التوتر بسوريا والعراق وجدوا أنفسهم في “دور الأيتام” بعد وفاة أوليائهم، أو تقطعت بهم السبل في بلد ثالث دون “حلحلة” وضعيتهم، أو يعيشون في مخيمات النازحين، أو جرى اعتقالهم في السجون.
وفي ما يتعلق بحالة الأطفال المغاربة الذين سافروا مع أحد الوالدين إلى بؤرة التوتر فإن مطالب الأسرة مازالت متجددة بخصوص إعادتهم إلى المملكة المغربية، بينما يوجد أطفال آخرون ولدوا بمنطقة النزاع من أب أجنبي يصطدمون بغياب الأدلة حول الهوية.
انطلاقا من ذلك، اعتبر التقرير أن الدوافع المالية تقود الفتيان باتجاه المجموعات العنيفة أكثر من الفتيات بسبب التوقعات الاجتماعية المفروضة على الرجال وأدوارهم كمعيلين لأسرهم، مشيرا إلى أن التجارب الشخصية السلبية التي تخضع لها الفتيات قد تكون مصدر صمود ضد تجنيدهن من المنظمات المتطرفة العنيفة.
وشدد المصدر عينه على أن هناك حاجة إلى تقييم المخاطر والفرص التي تواجه الأطفال في المخيمات الرسمية والمستوطنات غير الرسمية بجميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط، لاسيما في المناطق المتأثرة بالتطرف العنيف، خالصا إلى أن الوصم الاجتماعي والتهميش يعيقان التنمية الاجتماعية والبشرية ويسهلان تجنيد الأطفال.
وبهذا الخصوص، أبرزت الوثيقة أن تنظيم “داعش” يحاول إدامة هالة من القوة الآخذة في التوسع التي تجذب المجندين الجدد في عدد متزايد من المحافظات، حيث تسعى الفروع الإفريقية إلى محاكاة نهج “داعش” في تجنيد الأطفال واستخدامهم، من خلال الاعتماد المتزايد على التلقين العقائدي والدعاية والتدريب العسكري في ما يتعلق بالأطفال، مع استمرار محاولات توطيد السيطرة على الأراضي.
المصدر: وكالات