رسميا، وبدءا من الأسبوع الماضي، دخَل حيز العمل اعتمادُ “البصمة الإلكترونية” لمحاربة ممارسات السطو العقاري التي كانت تنتهج طرق الاحتيال والتزوير، لاسيما في هويات البائعين عند إبرام العقود، بينما جرى تجهيز مكاتب الموثقين بأجهزة فاحصة للهوية بالتعاون مع مديرية الأمن.
وكان الملك محمد السادس دعا، في رسالة خاصة (مؤرخة في 30 دجنبر 2016) بموضوع “الاستيلاء على عقارات الغير”، إلى “إيجاد سبل لمحاربة الظاهرة المقلقة تفاديا لما قد ينجم عنها من انعكاسات سلبية على مكانة وفعالية القانون في صيانة الحقوق، ومن زعزعة الاقتصاد ومس بالأمن العقاري بالبلاد”، قبل أن تتشكل “اللجنة الوطنية المكلفة بتتبع موضوع الاستيلاء على عقارات الغير”.
في هذا الإطار، أوضح هشام صابري، رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، أن “الموثقين طرف متدخل لا غنى عنه في منظومة إبرام العقود العقارية بين الأطراف”، لافتاً إلى أن “من أكبر المداخل التي كانت تُستعمل للسطو على عقارات الغير هي إخفاء أو تزوير هوية الشخص المتعاقد (لاسيما البائع)، وهو ما كان دائما يشكل مشكّلا”.
واستدلّ صابري في هذا الصدد، ضمن تصريح لهسبريس، بـ”مجموعة من الملفات القضائية، بعضها محكوم والآخر موضوع متابعات قانونية، تخص قضايا الزُّور في المادة العقارية”، مشيرا إلى أن “جل الملفات أو جميعها تخص الزور بخصوص هوية المتعاقد”، وزاد: “هذا ما استدعى التفكير في تفعيل طرق جديدة للتحقق من هوية الأطراف المتعاقدة عند إبرام عقود عقارية بالاستعانة بما تتيحه التطورات الرقمية والتكنولوجية”.
رئيس مجلس هيئة الموثقين بالمغرب وضَع اعتماد البصمة الإلكترونية لكل شخص من أطراف التعاقد في سياق التنزيل الفعلي والاستجابة العملية لمضامين الرسالة الملكية سالفة الذكر، مؤكدا أن الأمر “ثمرة تعاون تجسد فعليا في اتفاقية شراكة مع الإدارة العامة للأمن الوطني، تتيح تبادل البيانات بين منصة الموثقين وتلك الموجودة لدى مصالح الأمن”.
وأبدى المهني ذاته ارتياحه لاعتماد البصمة الإلكترونية للتحقق، بالنظر إلى أن “القانون المنظم لمهنة التوثيق يُلزم الموثق الممارس بالتحقق تحت طائلة مسؤوليته المدنية والجنائية بخصوص هوية الأطراف التي تبرم العقد”، ولاسيما أن “بعض الموثقين وجدوا أنفسهم ضحايا متابعات قضائية نتيجة التورط مع عصابات السطو على العقارات التي دعا الملك إلى محاربتها”.
تجهيز 1830 مكتبا وطنيا
في سياق متصل، أوضح رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب أنه جرى تبعاً للاتفاقية المذكورة، التي تسمح بفتح بوابة البيانات لهوية الأطراف لفائدة الموثقين في مجموع التراب الوطني عبر تقنية التبادل الإلكتروني للمعطيات بين منصتين، (جرى) تجهيز مكاتب الموثقين على الصعيد الوطني (1830 مكتبا) بجهاز قارئ وفاحص للبصمة اليدوية.
“رصدْنا تفاعلاً جد إيجابي مع التجربة لدى المواطنين الذين يقصدون مكاتب التوثيق، وهي مبادرة تعطي أريحية أكثر للمتعاقدين لضمان عدم تزوير الهويات ووقوعهم ضحايا عصابات الاستيلاء على العقار”، يؤكد المتحدث ذاته، وزاد مشددا على ريادة المغرب في هذا الصدد: “المملكة المغربية هي الدولة الرابعة عالميا التي قررت اعتماد تقنية التحقق الإلكتروني من الهوية المعتمَدة عبر البصمات”.
وطمأن المتحدث لهسبريس بأن “البصمة الرقمية تظل آمنة، وتم اعتمادها بقرار من لجنة مختصة في الموضوع تحلت بوعي كبير بحجم خطورة ظاهرة التزوير، وشرعت في العمل منذ سنوات، حيث تم الوقوف على أن تزوير الهوية من أهم وسائل تسهيل الظاهرة؛ فيما تم الاتفاق مع مديرية الأمن أيضا على الاستعانة أيضا بتقنيات التحقق عبر ‘التعرف على الوجه’، التي تنتظر فقط التفعيل وسيجري إطلاقها مستقبلاً”.
المصدر: وكالات