تستمر الحكومة الإسرائيلية في تأجيل التجاوب مع طلب الرّباط الاعتراف بمغربيّة الصحراء، وهو ما يعيق أيّ تقدم في العلاقات الثّنائية. ورغم الزّخم الظاهر إلا أن سؤال الاعتراف يظلّ في العمق أكثر إلحاحاً.
وتشير ورقة تحليلية نشرتها “جيروزاليم بوست” حول واقع العلاقات الإسرائيلية المغربية إلى أن “على إسرائيل الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء مقابل فتح المغرب سفارة في تل أبيب”، مبرزة أن “الاعتراف بمغربية الصّحراء كان جزءا من الاتفاق الموقّع”.
وأورد ناصر خاضر، صاحب المقال، وهو عضو سابق في البرلمان الدنماركي من 2001-2011 و2015-2022، وترأس لجنة الدفاع بالبرلمان الدنماركي من 2016 إلى 2021: “عندما كنتُ رئيسًا للجنة الدفاع بالبرلمان الدنماركي، في 2021، دعتني سفيرة المغرب في الدنمارك، خديجة الرويسي، لتناول الشاي في السفارة، وسألتني بصراحة: ‘نحن أصدقاء وحلفاء مع الغرب.. لماذا تتجاهلون تقدمنا، لماذا لا تنسبون التقدم المحقق إلينا؟”.
ويقول صاحب التّقرير إن “المغرب الحديث بلد مسالم ومضياف، أمة تحترم الحريات الفردية والجماعية؛ إنه ملكية دستورية بنظام متعدد الأحزاب، يؤكد الليبرالية الاقتصادية ويشجع سياسات الإقليمية واللامركزية”، وأقرّ بأن “دولا عربية أخرى تغازل الصين الشيوعية، روسيا الرئيس فلاديمير بوتين، وإيران على وجه الخصوص، التي تظل دولة راعية للإرهاب .. ومن ناحية أخرى يبدو المغرب مصمما على السير على طريق الازدهار على النمط الغربي، ويستحق الاعتراف به كصديق وحليف جيد”.
واعتبر المحلل ذاته أن “اتفاقيات أبراهام هي اتفاقيات تاريخية وتتساوى تمامًا مع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة عام 1979 واتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1993”.
وبعد عقود من المواجهة في العلاقات العربية الإسرائيلية، مثلت اتفاقيات أبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة رؤية جديدة للتطبيع في الشرق الأوسط، من خلال الأمن والتجارة والازدهار؛ الأمور التي لم يعتقد الكثيرون أن من الممكن تحقيقها.
ومع ارتفاع أسعار النفط وسط حرب روسيا على أوكرانيا، تعمل اتفاقيات أبراهام أيضًا على إصلاح العلاقات المتوترة مع المملكة العربية السعودية، وفي غضون ذلك، تدفع باتجاه التطبيع السعودي الإسرائيلي.
ووفقًا لأحد المهندسين الرئيسيين لهذه الاتفاقية، وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، تهدف الاتفاقيات إلى إحداث آثار اقتصادية واسعة النطاق ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن خارجها.
ولا شك في أن هذه الاتفاقات تمثل اختراقًا سياسيًا كبيرًا، لكنها لا تحظى، لعدة أسباب، باهتمام واسع بمن الحجم الذي تستحقه إعلاميا وسياسياً خارج الشرق الأوسط.
وكما جادل إيلان بيرمان، النائب الأول لرئيس مجلس السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن، فإن هذا الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء ضروري لزيادة تعزيز اتفاقيات أبراهام، وتوطيد الروابط بين الأعضاء الحاليين وإيجاد أعضاء جدد.
ويرى بيرمان أن وجهة نظر الحكومة الجديدة بشأن الصحراء تشكل اختبارًا مهمًا لكيفية تطور العلاقات في المستقبل.
ويشير المصدر نفسه إلى أنه “يجب على المغرب إظهار القيادة وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل؛ وهذا من شأنه أن يسهل على الحكومة الإسرائيلية الجديدة الاعتراف بالسيطرة المغربية على منطقة الصحراء”.
وتشتهر حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجديدة في الوقت الحالي بكونها أكثر الحكومات قومية في تاريخ إسرائيل، ولكن، كما يقول بيرمان أيضًا، يميل معظم الناس إلى نسيان أن نتنياهو كان أيضًا رئيسًا للوزراء عندما تم التوسط في اتفاقات أبراهام، وله مصلحة فيها لأنها أهم إنجازاته في السياسة الخارجية حتى الآن.
المصدر: وكالات