طرأ في البال جدلية الثابت والمتحرك وأنا أتابع لقاء مع مسؤول ثقافي عربي يتحدث عن الثوابت الثقافية والتي تعتبر حجر الزاوية في قرارات المنشأة التي يترأسهاأ وأن تلك الثوابت لا مندوح عن الافتراق عنها قيد أنملة، وطال حديثه عن تلك الثوابت التي تجاوزها الزمن والواقع بمعطيات حياتية وثقافية متجددة تسخر من تلك الثوابت.
وفي اعتقادي أن حركيّة الزمن لا تبقي أي شأن من شؤون الحياة في حالة ثبات مطلقاً، فكل مكوناتها تتحرك دفعة واحدة، فالثوابت تعني الموات لمن يتمسك بها، ومن يريد السير مع حركيّة الحياة عليه تجديد ثوابته، ففي كل فترة زمنية هناك ثابت قابل للتغير بما يتناسب مع حركيّة الواقع، فالمعطيات المستحدثة تغير أصل كل ثابت، فليس هناك ثوابت تظل جامدة لمئات أو عشرات السنوات، بل يوجد لكل منحى حركة تتلاءم مع واقعها، وهذا لا يعني الاستلاب أو الابتزاز وإنما يعني أن جوهر ما تؤمن به لديه طاقة متجددة قادرة على البقاء والنمو عبر كل التشكيلات الزمنية.
فالهوية الثقافية أو الدينية ما لم تكن قادرة على الانتقال عبر الزمن ستكون في المؤخرة مهما ادعينا تناسب تلك الثوابت مع المتغيرات المتلاحقة التي تحدثها حركية الحياة.